إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب

          6095- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: بالإفراد (ابْنُ سَلَامٍ) ولأبي ذرٍّ: ”محمَّدِ بن(1) سلام“ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ) الأنصاريُّ (عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ) بضم السين المهملة (نَافِعِ بْنِ مَالِكِ ابْنِ أَبِي عَامِرٍ) الأصبحيِّ (عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: آيَةُ المُنَافِقِ) والنَّفق: سَرَبٌ في الأرض له مخلصٌ إلى مكان [آخر](2)، والنَّافقاء إحدى جِحَرَةِ اليربوعِ، فإذا أتي من قبل القاصِعَاء _وهو جحره الَّذي يَقْصع فيه، أي: يدخلُ_ ضرب النَّافقاء برأسهِ فانتفقَ، أي: خرجَ، تقول(3): نافق اليَرْبوع، أي: أخذ في نافقائه، ومنه اشتقاقُ المنافق وهو الَّذي يدخلُ في الشَّرع من بابٍ ويخرجُ من باب، أيضًا يكتُم الكفرَ، ويظهرُ الإسلام(4)، كما أنَّ اليربوع يكتُم النَّافقاء ويُظهرُ القاصعاء، والآية: العلامة، أي: علامةُ المنافق (ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ) فأخبرَ عن الشَّيء على خلافِ ما هو به (وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ) فلم يفِ بما وعدَ به (وَإِذَا اؤْتُمِنَ) أمانةً (خَانَ) فلم يؤدِّها إلى أهلها. قال التُوْربِشتي: من اجتمعتْ فيه هذه الخصال واستمرَّت أحواله عليها فبالحريِّ أن يسمَّى منافقًا، وأمَّا المؤمن المفتون بها فإنَّه إن فعلها مرًّة تركها أُخرى، وإن أصرَّ عليها زمانًا أقلعَ عنها زمانًا آخر، وإن وجدتْ فيه خلًّة عدمتْ منه(5) أخرى. وقال الخطَّابيُّ: هذا القولُ إنَّما خرجَ على سبيلِ الإنذارِ للمرءِ المسلم والتَّحذيرِ له أن يعتادَ هذه الخصالَ، فتفضِي به إلى النِّفاق، لا أنَّه منافقٌ إن ندرت منه هذه الخصال، أو فعلَ شيئًا منها من غير اعتيادٍ(6).
          والحديثُ سبق في «باب علامةِ / المنافق» من «كتاب الإيمان» [خ¦33].


[1] قوله: «بن»: ليس في (ب).
[2] قوله: «آخر» زيادة من كتب اللغة.
[3] في (د): «يقال».
[4] في (س): «ويظهر الإيمان».
[5] في (د): «فيه».
[6] العبارة في (د) و(ع) و(ص): «لا أن من ندرت منه هذه الخصال أو فعل شيئًا منها من غير اعتياد يكون منافقًا».