إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من لا يرحم لا يرحم

          6013- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ) قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) حفصُ بن غياث قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمانُ بنُ مهران (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ) أبو سليمان الهَمْدانيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) البَجَليُّ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمُْ) الخلقَ من مؤمنٍ وكافرٍ وبهائم مملوكة وغيرها كأن يتعاهدَهم بالإطعام والسَّقي، والتَّخفيف في الحمل، وترك التَّعدِّي بالضَّرب في الدُّنيا (لَا يُرْحَمُ) في الآخرة، ويَرْحم الأولى مبني للفاعل، والثَّانية للمفعول. وعند الطَّبرانيِّ: «من لا يَرحم مَن في الأرضِ لا يرحمهُ من في السَّماء». وقال ابنُ أبي جمرة: يحتملُ أن يكون المعنى: من لا يرحم نفسَه بامتثالِ أوامرِ الله واجتنابِ نواهيه لا يرحمهُ الله؛ لأنَّه ليس له عندهُ عهدٌ، فتكون الرَّحمة الأولى بمعنى: الأعمال، والثَّانية بمعنى: الجزاء، أي: لا يُثاب إلَّا من عملَ صالحًا، وفي إطلاقِ رحمةِ العباد في مقابلةِ رحمة /  الله نوع مشاكلةٍ، و«يرحمُ» مرفوعٌ على أنَّ «مَن» موصولةٌ، والجزم على تضمُّنها معنى الشَّرط.
          وهذا الحديث أخرجهُ المؤلِّف أيضًا في «التَّوحيد» [خ¦7376]، ومسلمٌ في «فضائلهِ صلعم».