إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم

          6011- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضلُ بنُ دُكَين قال: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا) بنُ أبي زائدة (عَنْ عَامِرٍ) هو الشَّعبيُّ، أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ) الأنصاريَّ ☺ (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ) بأن يرحمَ بعضُهم بعضًا بأخوَّة الإسلام لا بسببٍ آخر (وَتَوَادِّهِمْ) بتشديد الدال، وأصله بدالين فأدغمت الأولى في الثَّانية، أي: تواصلهم الجالب للمحبَّة كالتَّزاور والتَّهادي (وَتَعَاطُفِهِمْ) بأن يعينَ بعضهم بعضًا، كما يعطف طرف الثَّوب عليه ليقوِّيه (كَمَثَلِ الجَسَدِ) بالنِّسبة إلى جميع أعضائه، ومَثَل بفتحتين (إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا) منه (تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ) دعا بعضه بعضًا إلى المشاركة (بِالسَّهَرِ) لأنَّ الألمَ يمنع النَّوم (وَالحُمَّى) لأنَّ فقد النَّوم يُثِيرها، والحاصلُ أنَّ مثل الجسدِ في كونهِ إذا اشتكى بعضُه اشتكى كلُّه‼، كالشَّجرة إذا ضُرب غصنٌ من أغصانها اهتزَّت الأغصانُ كلُّها بالتَّحرُّك والاضطراب، وفيه جواز التَّشبيهَ وضرب الأمثالِ لتقريبِ المعاني للأفهام.
          وهذا الحديثُ أخرجه مسلمٌ في «الأدبِ» أيضًا.