إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هما ريحانتاي من الدنيا

          3753- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولغير أبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالمُوحَّدة والمُعجَمة المُشدَّدة، بندارٌ العبديُّ قال: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) محمَّد بن جعفرٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي يَعْقُوبَ) الضَّبِّيِّ البصريِّ، ونسبه لجدِّه، واسمُ أبيه عبدُ الله، أنَّه قال: (سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نُعْمٍ) بضمِّ النُّون وسكون العين المُهمَلة، الزَّاهد البجليَّ، واسمه عبد الرَّحمن يقول: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ) بن الخطَّاب ☻ (وَسَأَلَهُ) أي: رجلٌ من أهل العراق كما عند التِّرمذيِّ (عَنِ المُحْرِمِ) بالحجِّ أو العمرة (قَالَ شُعْبَةُ) بن الحجَّاج: (أَحْسِبُهُ يَقْتُلُ الذُّبَابَ) ما يلزمه إذا قتلها وهو محرمٌ؟ (فَقَالَ) أي: ابن عمر متعجِّبًا من كونهم يسألون عن الشَّيء الحقير، ويفرِّطون في الشَّيء الخطير (أَهْلُ العِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَنِ الذُّبَابِ) بضمِّ المعجمة وبالمُوحَّدتين بينهما ألفٌ: ما يلزم المحرم إذا قتله؟ (وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللهِ صلعم ) الحُسينَ بضمِّ الحاء (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : هُمَا) أي: الحَسَنان (رَيْحَانَتَايَ)‼ بتاءٍ فوقيَّةٍ بعد النُّون بلفظ التَّثنية، ولأبي ذرٍّ: ”ريحاني“ (مِنَ الدُّنْيَا) بغير تاءٍ بلفظ الإفراد، ووجه التَّشبيه أنَّ الولد يُشَمُّ / ويُقبَّل، وعند التِّرمذيِّ من حديث أنسٍ ☺ : أنَّ النَّبيَّ صلعم كان يدعو الحَسن والحُسين فيشمُّهما ويضمُّهما إليه، وعند الطَّبرانيِّ: «هما ريحانتاي من الدُّنيا أشمُّهما»، وقوله: «من الدُّنيا» كقوله صلعم : «حُبِّب إليَّ من دنياكم الطِّيب والنِّساء» أي: نصيبي، ويحتمل أن يكون ابن عمر أجاب السَّائل عن خصوص ما سأل عنه؛ لأنَّه لا يحلُّ له كتمان العلم، إلَّا إن حُمِل على أنَّ السَّائل كان متعنِّتًا.
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «الأدب» [خ¦5994]، والتِّرمذيُّ في «المناقب».