إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق عيسى بن موسى: قام فينا النبي مقامًا فأخبرنا عن بدء الخلق

          3192- (وَرَوَى) ولابن عساكر: ”ورواه“ (عِيسَى) هو ابن موسى البخاريُّ _بالموحَّدة والخاء المُعجَمة_ التَّيميُّ المُلقَّب بغُنْجارٍ _بغينٍ مُعجَمةٍ مضمومةٍ فنونٍ ساكنةٍ فجيمٍ وبعد الألف راءٌ_ لاحمرار خدَّيه، المُتوفَّى سنة سبعٍ أو ستٍّ وثمانين ومئةٍ، وليس له في «البخاريِّ» إلَّا هذا الموضع (عَنْ رَقَبَةَ) بفتح الرَّاء والقاف والمُوحَّدة، ابن مصقلة _بالصَّاد المُهمَلة والقاف_ العبديِّ الكوفيِّ، كذا للأكثر، وسقط منه رجلٌ بين عيسى ورقبة، وهو أبو حمزة محمَّد بن ميمونٍ السُّكَّريُّ كما جزم به أبو مسعودٍ، وقال الطَّرقيُّ(1): سقط أبو حمزة من كتاب الفَـِرَبْريّ، وثبت في رواية حمَّاد بن شاكرٍ، ولا يُعرَف لعيسى عن رقبة نفسه شيءٌ، وقد وصله الطَّبرانيُّ من طريق عيسى أيضًا(2) عن أبي حمزة عن رقبة (عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ(3) بْنِ شِهَابٍ) الأحمسيِّ الكوفيِّ أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ) بن الخطَّاب ( ☺ يَقُولُ: قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صلعم مَقَامًا) يعني: على المنبر (فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ) قال الطِّيبيُّ: «حتَّى» غاية «أخبرنا» أي: أخبرنا مبتدئًا من بدء الخلق حتَّى انتهى إلى دخول أهل الجنَّةِ الجنَّة(4)، ووضع الماضي موضع المضارع للتَّحقيق(5) المستفاد من قول الصَّادق الأمين، ودلَّ ذلك على أنَّه أخبر بجميع أحوال المخلوقات منذ ابتُدئِت إلى أن تفنى إلى أن تُبعَث، وهذا من خوارق العادات، ففيه: تيسير القول الكثير في الزَّمن القليل. وفي حديث أبي زيدٍ الأنصاريِّ عند أحمد ومسلمٍ قال: «صلَّى بنا رسول الله صلعم صلاة الصُّبح وصعد المنبر، فخطبنا حتَّى(6) حضرت الظُّهر، ثمَّ نزل فصلَّى بنا الظُّهر، ثمَّ صعد المنبر فخطبنا، ثمَّ العصر كذلك حتَّى غابت الشَّمس، فحدَّثنا بما كان وما هو كائنٌ» فبيَّن(7) في هذا المقام المذكور زمانًا ومكانًا في حديث عمر ☺ ، وأنَّه كان على المنبر من أوَّل النَّهار إلى أن غابت الشَّمس. (حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ(8)، وَنَسِيَهُ) ولأبي ذرٍّ: ”أو نسيه“ (مَنْ نَسِيَهُ).


[1] في (م): «الطَّبريُّ»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (6/335).
[2] «أيضًا»: مثبتٌ من (م).
[3] زيد في (ص): «عن» وليس بصحيحٍ.
[4] «الجنَّة»: ليس في (د).
[5] في (ب) و(س): «للتَّحقُّق».
[6] في (م): «ثمَّ».
[7] في (د): «فتبيَّن».
[8] في (ص): «حفظ» والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».