إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق عبدان: من جهز جيش العسرة فله الجنة

          2778- (وَقَالَ عَبْدَانُ) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزيُّ، فيما وصله الدَّارقطنيُّ والإسماعيليُّ وغيرهما: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبِي) هو عثمان (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) عمرو بن عبد الله السَّبيعيِّ (عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عبد الله بن حبيبٍ السَّلميِّ الكوفيِّ القاريِّ: (أَنَّ عُثْمَانَ) بن عفان ( ☺ حَيْثُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”حين“ (حُوصِرَ) أي: لمَّا حاصره أهل مصر في داره؛ لأجل تولية عبد الله بن سعد بن أبي سرحٍ، واجتمع الناس (أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ الله(1)) زاد النَّسائيُّ من رواية ثُمامة بن حَزن(2): «عن عثمان والإسلام»، وفي روايته(3) أيضًا من طريق الأحنف: «أنشدكم بالله الَّذي لا إله إلَّا هو» وسقط لفظ الجلالة هنا عند غير أبي ذرٍّ (وَلَا أَنْشُدُ إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلعم ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ، فَحَفَرْتُهَا؟) المشهور: أنَّه اشتراها، لا أنَّه حفرها، كما في التِّرمذي بلفظ: هل تعلمون أنَّ رسول الله صلعم قدم المدينة وليس بها ماءٌ يُستَعذب غير بئر رُوْمة، فقال: «من يشتري بئر رُوْمة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخيرٍ له منها في الجنة»، فاشتريتها من صلب مالي؟... الحديث. وعند النَّسائيِّ: أنَّه اشتراها بعشرين ألفًا أو بخمسة وعشرين ألفًا، لكن روى البغويُّ الحديث في «الصَّحابة» بلفظ: وكانت لرجلٍ من بني غفارٍ عينٌ يقال لها: رومة، وإذا كانت عينًا فيحتمل أن يكون عثمان حفر فيها بئرًا، أو كانت(4) العين تجري إلى بئرٍ، فوسعها عثمان أو طواها، فنسب حفرها إليه، قاله في «فتح الباري» (أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ) صلعم (قَالَ: مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ) بضمِّ العين وسكون السِّين المهملتَين، وهي غزوة تبوك (فَلَهُ الجَنَّةُ، فَجَهَّزْتُهُمْ؟) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”فجهَّزته“ (قَالَ: فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ) والضَّمير للصَّحابة. وروى النَّسائيُّ من طريق الأحنف بن قيس: أنَّ الَّذين صدَّقوه هم: عليُّ بن أبي طالبٍ وطلحةُ والزُّبير وسعد بن أبي وقَّاصٍ.
          (وَقَالَ عُمَرُ) بن الخطاب ☺ فيما سبق موصولًا [خ¦2772] (فِي وَقْفِهِ) تلك الأرض: (لَا جُنَاحَ) لا إثم (عَلَى مَنْ وَلِيَهُ) من ناظرٍ ومتحدثٍ (أَنْ يَأْكُلَ) أي: منه(5) بالمعروف، قال البخاريُّ: (وَقَدْ يَلِيهِ) أي: الوقف (الوَاقِفُ وَغَيْرُهُ، فَهْوَ وَاسِعٌ لِكُلٍّ) من الواقف وغيره. وقد استدلَّ المؤلِّف بما ذكره: على جواز اشتراط الواقف لنفسه منفعةً مِنْ وقفه، وهو مقيَّد بما إذا كانت المنفعة عامَّةً؛ كالصَّلاة في بقعةٍ جعلها مسجدًا، والشُّرب من بئرٍ وقفها، وكذا كتابٌ وقفه على المسلمين للقراءة فيه ونحوها، وقِدْرٌ للطَّبخ فيها وكيزانٌ للشُّرب، ونحو ذلك، والفرق بين العامَّة والخاصَّة: أنَّ العامَّة عادت إلى ما كانت عليه من الإباحة‼ بخلاف الخاصَّة.


[1] في (ب): «بالله».
[2] في كل الأصول: «بن حرب» وهو تحريف، والتصحيح من مصادر التخريج وكتب الرجال.
[3] في (د1) و(ص): «رواية».
[4] في غير (ب) و(س): «كان».
[5] «منه»: ليس في (ص).