إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح}

          ░22▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى) ولأبي ذرٍّ: ”╡“ : ({وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى}) أي: اختبروهم في عقولهم وأديانهم وحفظهم أموالهم ({حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ}) يعني: الحلم، بأن يروا في منامهم ما ينزل به الماء الدَّافق، أو يستكملوا خمس عشرة سنةً ({فَإِنْ آنَسْتُم}) أبصرتم ({مِّنْهُمْ رُشْدًا}) أي: صلاحًا في دينهم وحفظًا لأموالهم ({فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا}) يا معاشر الأولياء والأوصياء ({إِسْرَافًا}) بغير حقٍّ ({وَبِدَارًا}) ومبادرةً، وانتصبا على الحال، أي: مسرفين ومبادرين ({أَن يَكْبَرُواْ}) أي: حذرًا من أن يكبروا، أي: يبلغوا فيَلزَمُكم تسليم المال إليهم، ثمَّ بيَّن ما يحلُّ لهم، فقال: ({وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ}) فليمتنع عن مال اليتيم فلا يرزؤه قليلًا ولا كثيرًا ({وَمَن كَانَ فَقِيرًا}) إلى مال اليتيم وهو(1) يحفظه ويتعهده ({فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}) أجرة(2) عمله ({فَإِذَا دَفَعْتُمْ}) أيُّها الأوصياء ({إِلَيْهِمْ}) إلى اليتامى ({أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ}) بعد بلوغهم الحُلُم وإيناس الرُّشد، والأمر للنَّدب خوف الإنكار ({وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا. لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ}) حظ ({مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ}) من المال ({أَوْ كَثُرَ}) أي: الجميع فيه سواءٌ في حكم الله، يستوون في أصل الوراثة، وإن تفاوتوا بحسب ما فرض الله لكلٍّ منهم بما يدلي به إلى الميِّت من قرابةٍ أو زوجٍ أو ولاءٍ؛ فإنَّه لُحْمة كلحمة النَّسب ({نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}[النساء:6-7]) أي: مقدَّرًا، وقال المؤلِّف مفسِّرًا لقوله: ({حَسِيبًا} يَعْنِي: كَافِيًا) وسقط لأبي ذرٍّ لفظة‼ «يعني»، وقال غيره: محاسبًا ومجازيًا وشاهدًا به، وقد كان المشركون لا يورِّثون النِّساء ولا الصِّغار شيئًا، فأنزل الله ذلك إبطالًا لفعلهم، ثمَّ بيَّن تعالى مقادير ما لكلٍّ بقوله سبحانه وتعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (3)}[النساء:11] إلى آخرها، وسياق «{وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى} إلى آخر قوله / : {مَّفْرُوضًا}» ثابتٌ في رواية الأَصيليِّ وكريمة. وقال أبو ذرٍّ في روايته(4) بعد قوله: {فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}: ”إلى قوله: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}“ كذا في «الفرع». وقال في «الفتح»: بعد قوله: ”{رُشْدًا}“ .


[1] زيد في (د): «ما».
[2] في (ب) و(س): «بأجرة».
[3] «{ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ }»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[4] في (ب): «رواية».