إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أنس: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا

          2771- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيد(1) التَّنوريُّ (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) بفتح المثنَّاتين الفوقيَّة والتَّحتيَّة المشدَّدتين، وبعد الألف حاءٌ مهملةٌ، يزيد بن حميد الضُّبَعيِّ (عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صلعم بِبِنَاءِ المَسْجِدِ) المدنيِّ وزاد في «الصَّلاة» [خ¦428] فأرسل إلى ملأ من بني النجار (فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي) بالمثلَّثة، ساوموني (بِحَائِطِكُمْ) ببستانكم (هَذَا، قَالُوا: لَا، وَاللهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا(2) إِلَى اللهِ) أي: لا نطلب ثمنه من أحد، لكنَّه مصروفٌ إلى الله، فالاستثناء منقطعٌ، أو معناه: لا نطلب ثمنه مصروفًا إلَّا إلى الله(3)، أو منتهيًا إلَّا(4) إلى الله، فالاستثناء متَّصلٌ، قاله الكِرمانيُّ، وقال في «الفتح»: ظاهره: أنَّهم تصدَّقوا بالأرض لله ╡، فقَبِل النَّبيُّ صلعم ذلك، ففيه دليلٌ لِمَا تُرجِم له، كذا قال، فليُتَأمَّل، فإنَّه ليس فيه تصريحٌ بقبوله ╕ ذلك منهم، وإنَّما أرادوا وقفه حيث قالوا: لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله، ولم يبيِّن(5) لهم ╕ أنَّ هذا الَّذي قصدوه باطلٌ، وعند ابنِ سعدٍ في «الطبقات»‼ عن الواقديِّ: أنَّه صلعم اشتراه بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر الصِّدِّيق؛ لأنَّه كان ليتيمَين لم يقبله من بني النَّجَّار إلَّا بالثَّمن، فالمطابقة كما قال في «الفتح» من جهة تقريره ╕ ؛ لقول بني النجار وعدم إنكاره عليهم، فلو كان وقف المشاع لا يجوز؛ لأنكر عليهم وبيَّن لهم الحكم.
          وهذا الحديث قد سبق في «باب هل تُنبشُ قبور مشركي الجاهلية» في أوائل «الصَّلاة» [خ¦428].


[1] في (ب): «سعد»، وهو تحريفٌ.
[2] «إلَّا»: سقط من (د1) و(ص).
[3] زيد في (م): «أو ثمنها».
[4] «إلا»: مثبتٌ من (ب) و(س)، وفي (ص): «ثمنها».
[5] في (د): «يعيِّن».