إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لتمش ولتركب

          1866- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) بن يزيد التَّميميُّ الفرَّاء قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) بن عبد الرَّحمن (أَنَّ ابْنَ / جُرَيْجٍ) عبد الملك (أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ) الخزاعيُّ (أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ) مِنَ الزِّيادة، واسم أبي حبيب سويدٌ (أَخْبَرَهُ(1) أَنَّ أَبَا الخَيْرِ) هو(2) مرثد بن عبد الله (حَدَّثَهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) الجهنيِّ ☺ أنَّه(3) (قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي) هي(4) أمُّ حِبَّان _بكسر الحاء المهملة وتشديد المُوحَّدة_ بنت عامرٍ الأنصاريِّ(5) كما قاله المنذريُّ والقطب القسطلانيُّ والحلبيُّ؛ كما نقلوه عن ابن ماكولا، وتعقَّبه الحافظ ابن حجرٍ فقال: لا يُعرَف(6) اسم أخت عقبة هذا، وما نسبه هؤلاء لابن ماكولا وهمٌ، فإنَّه إنَّما نقله عن ابن سعدٍ، وابن سعدٍ إنَّما ذكر في «طبقات النِّساء» أمَّ حبَّان بنت عامر بن نابي _بنونٍ ومُوحَّدةٍ_ ابن زيد بن حرامٍ _بمهملتين_ الأنصاريَّة، وأنَّه شهد بدرًا، وهو مغايرٌ للجهنيِّ (أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللهِ) الحرام، ولأحمد وأصحاب «السُّنن» من طريق عبد الله بن مالك عن عقبة ابن عامرٍ الجهنيِّ: أنَّ أخته نذرت أن تمشي حافيةً غير مختمرةٍ (وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ صلعم فَاسْتَفْتَيْتُهُ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”فاستفتيت النَّبيَّ صلعم “ وزاد الطَّبريُّ(7): أنَّه شكا إليه ضعفها (فَقَالَ ◙ (8): لِتَمْشِ) مجزومٌ بحذف حرف العلَّة، ولأبي ذرٍّ: ”لتمشي“ (وَلْتَرْكَبْ) بسكون اللَّام وجزم الباء، وفي رواية عبد الله بن مالكٍ: «مُرْها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيَّامٍ»، وفي رواية عكرمة عن ابن عبَّاسٍ عند أبي داود: «فلتركب ولتهدِ بدنةً» (قَالَ) يزيد بن أبي حبيبٍ: (وَكَانَ أَبُو الخَيْرِ) مرثد بن عبد الله (لَا يُفَارِقُ عُقْبَةَ)‼ بن عامرٍ الجهنيَّ، والمرادُ بذلك بيان سماع أبي الخير له من عقبة. وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا) وفي بعض الأصول _وهو لأبوي ذرٍّ والوقت_: ”قال أبو عبد الله“ أي: البخاريُّ: ”حدَّثنا“ (أَبُو عَاصِمٍ) النَّبيل الضَّحَّاك (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ) أبي(9) العبَّاس الغافقيِّ المصريِّ (عَنْ يَزِيدَ) بن أبي حبيبٍ (عَنْ أَبِي الخَيْرِ) مرثدٍ (عَنْ عُقْبَةَ) الجهنيِّ (فَذَكَرَ الحَدِيثَ) فأشار المؤلِّف بهذا إلى أنَّ لابن جريجٍ فيه شيخين؛ وهما: يحيى بن أيُّوب، وسعيد بن أبي أيُّوب. وقد اختُلِف فيما إذا نذر أن يحجَّ ماشيًا: هل يلزمه المشي بناءً على أنَّ المشي أفضل من الرُّكوب؟ قال الرَّافعيُّ: وهو الأظهر، وقال النَّوويُّ: الصَّواب أنَّ الرُّكوب أفضل وإن كان الأظهر لزوم المشي بالنَّذر لأنَّه مقصودٌ، ثمَّ إن صرَّح النَّاذر بأنَّه يمشي من حيث سكنه(10) لزمه المشي من مسكنه، وإن أطلق فمن حيث أحرم ولو قبل الميقات، ونهاية المشي فراغه من التَّحلُّلين، فلو فاته الحجُّ لزمه المشي في قضائه لا في تحلُّله في سَنَةِ الفوات؛ لخروجه بالفوات عن إجزائه عن النَّذر، ولا في المضيِّ في فاسده لو أفسده، ولو ترك المشي لعذرٍ أو غيره أجزأه مع لزوم الدَّم فيهما والإثم في الثَّاني، ولو نذر الحجَّ حافيًا لم ينعقد نذر الحفاء لأنَّه ليس بقربةٍ، فله لبس النَّعلين، وكالحجِّ في ذلك(11) العمرة، وقال أبو حنيفة: من نذر المشي إلى بيت الله تعالى فعجز عنه فإنَّه يمشي ما استطاع، فإذا(12) عجز ركب وأهدى شاةً، وكذا إن ركب وهو غير عاجزٍ.
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «النُّذور» [خ¦6699]، وكذا أبو داود.


[1] في (ص): «حدَّثه».
[2] «هو»: ليس في (د) و(م).
[3] «أنَّه»: ليس في (د).
[4] «هي»: ليس في (د).
[5] في (م): «الأنصاريَّة».
[6] في (د): «لا نعرف».
[7] في غير (ص) «الطَّبرانيُّ»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح».
[8] زيد في (د): «النَّبيُّ»، وفي غير «اليونينيَّة»: ” صلعم “ بدل: « ◙ ».
[9] في (د): «ابن»، وليس بصحيحٍ.
[10] في (د): «مسكنه».
[11] في (د): «وكالحجِّ في ما ذكره».
[12] في (د): «فإنْ».