إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أنس: هذا جبل يحبنا ونحبه

          7333- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أُويَسٍ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) إمام دار الهجرة ابن أنسٍ الأصبحيُّ (عَنْ عَمْرٍو) بفتح العين ابن أبي عمرٍو ميسرة (مَوْلَى المُطَّلِبِ) المدنيِّ أبي(1) عثمان (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم طَلَعَ) أي: بدا (لَهُ أُحُدٌ) الجبل المشهور عند رجوعه من خيبر(2) سنة ستٍّ أو سبعٍ (فَقَالَ: هَذَا) مشيرًا إلى أُحُدٍ (جَبَلٌ يُحِبُّنَا) حقيقةً بأن خلق(3) الله تعالى فيه الإدراك والمحبَّة (وَنُحِبُّهُ) إذ جزاء المحبَّة المحبَّة، وقيل: إنَّه محمولٌ على المجاز، أي: يحبنُّا أهلُه ونحبُّ أهلَه _وهم الأنصار_ أو المراد نحبُّ أُحُدًا بأهله؛ لأنَّه في أرض من نحبُّ، والأَولى _كما في «شرح السُّنَّة»_ إجراؤه على ظاهره، ولا يُنكَر وصف الجمادات بحبِّ الأنبياء والأولياء وأهل الطَّاعة، وهذا هو المختار الذي لا محيد عنه، على أنَّه يحتمل أنَّه أراد بالجبل أرض المدينة كلَّها، وخصَّ الجبل بالذِّكر؛ لأنَّه أوَّل ما يبدو من أعلامها(4)؛ لقوله أوَّلًا في الحديث: طلع له أُحُدٌ، وقوله ثانيًا: (اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ) خليلك (حَرَّمَ مَكَّةَ) بتحريمك لها على لسانه (وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) أي: لابتي المدينة، تثنية لابةٍ، وهي الحَرَّة؛ إذ المدينة بين حَرَّتين، وإلى معنى الأوَّل يُلْمِح قولُ بلالٍ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .                     وهل يَبْدُوَنَّ لي شامة‼ وطفيل
وليس المتمنَّى ظهور هذين الجبلين، بل لأنَّهما من أعلام مكَّة.
          والحديث مرَّ في «الجهاد» في «باب فضل الخدمة في الغزو» [خ¦2889] وفي «أحاديث الأنبياء» [خ¦3367] و(5)آخر «غزوة أحد» [خ¦3085].
          (تَابَعَهُ) أي: تابع أنسَ بن مالكٍ (سَهْلٌ) بفتح السِّين المهملة، ابن سعدٍ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم فِي) قوله: (أُحُدٍ) جبلٌ يحبُّنا ونحبُّه، لا في قوله: «اللَّهمَّ إنَّ إبراهيم...» إلى آخره، وسبق هذا مُعلَّقًا عن سليمان بلفظ: وقال سليمان، عن سعد بن سعيدٍ، عن عُمارة بن غزيَّة، عن عبَّاسٍ، عن أبيه، عن النَّبيِّ صلعم قال: «أُحُدٌ جبلٌ يحبُّنا ونحبُّه» [خ¦1482] وعبَّاسٌ هو ابن سهل ابن سعدٍ المذكور.


[1] في (د): «أبو».
[2] في غير (د) و(ع): «حنين» وهو تحريفٌ.
[3] في غير (د) و(ع): «يخلق».
[4] في (ص): «أعلاها».
[5] زيد في (ص): «في».