إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الاقتداء بسنن رسول الله

          ░2▒ (باب الاِقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللهِ صلعم ) الشَّاملة لأقواله وأفعاله وتقريره (وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا})[الفرقان:74]أفرده للجنس، وحسَّنه كونه رأس فاصلةٍ، أوِ اجعل كلَّ واحدٍ منَّا إمامًا كما قال تعالى: {يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}[غافر:67] أو لاتِّحادهم واتِّفاق كلمتهم، أو لأنَّه مصدرٌ في الأصل / كصيامٍ وقيامٍ (قَالَ: أَئَمَّةً نَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلَنَا، وَيَقْتَدِي بِنَا مَنْ بَعْدَنَا) قاله مجاهدٌ فيما أخرجه الفريابيُّ والطَّبريُّ بسندٍ صحيحٍ، أي: اجعلنا أئمَّة لهم في الحلال والحرام يقتدون بنا فيه، قيل: وفي الآية ما يدلُّ على أنَّ الرِّئاسة في الدِّين تُطلَب ويُرغَب فيها.
          (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ) بفتح العين المهملة وبعد الواو السَّاكنة نونٌ، عبد الله البصريُّ التَّابعيُّ الصَّغير فيما وصله محمَّد بن نصرٍ المروزيُّ في «كتاب السُّنَّة» (ثَلَاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلإِخْوَانِي) المؤمنين: (هَذِهِ السُّنَّةُ) الطَّريقة النَّبويَّة المحمَّديَّة، والإشارة في قوله: «هذه» نوعيَّةٌ لا شخصيَّةٌ (أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا) علماءها (وَالقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ) أي: يتدبَّروه، قال في «الكواكب»: قال في القرآن: يتفهَّموه، وفي السُّنَّة يتعلَّموها؛ لأنَّ الغالب على حال المسلم أن يتعلَّم القرآن في أوَّل أمره فلا يحتاج إلى الوصيَّة بتعلُّمه؛ فلذا وصَّى بفهم معناه، وإدراك منطوقه وفحواه، وقال في «الفتح»: ويحتمل أن يكون السَّبب أنَّ القرآن قد جُمِعَ بين دفَّتي المصحف، ولم تكن السُّنَّة يومئذٍ جُمِعت‼، فأراد بتعلُّمها جمعها؛ ليتمكَّن من تفهُّمها، بخلاف القرآن فإنَّه مجموعٌ (وَيَسْأَلُوا النَّاسَ عَنْهُ وَيَدَعُوا النَّاسَ) بفتح الدَّال: يتركوهم (إِلَّا مِنْ خَيْرٍ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”وَيَدْعُوا النَّاسَ“ _قال في «الفتح»: بسكون الدَّال_ إلى ”خيرٍ“.