إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان الصاع على عهد النبي مدًا وثلثًا بمدكم اليوم

          7330- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ) بفتح العين في الأوَّل وضمِّ الزَّاي وتكرير الرَّاء بينهما ألفٌ، الكلابيُّ النَّيسابوريُّ قال: (حَدَّثَنَا القَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ) أبو جعفر المزنيُّ الكوفيُّ (عَنِ الجُعَيْدِ) بضمِّ الجيم وفتح(1) العين مصغَّرًا وقد يُستعمل مكبَّرًا، ابن عبد الرَّحمن بن أويسٍ الكنديِّ المدنيِّ أنَّه قال: (سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ) الكنديَّ، له ولأبيه صحبةٌ ☻ (يَقُولُ: كَانَ الصَّاعُ) جمعه أَصْوُع، بوزن أَفْلُس، قال الجوهريُّ: وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزةً. انتهى. ويقال فيه أيضًا: أصوُع على القلب، أي: تحويل العين إلى ما قبل الفاء مع قلب الواو همزة فتجتمع همزتان، فتُبدل الثَّانية ألفًا؛ لوقوعها ساكنةً بعد همزةٍ مفتوحةٍ، وكان (عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلعم مُدًّا وَثُلُثًا) نَصْبٌ خبرُ «كان»، وللأَصيليِّ وابن عساكر: ”مدٌّ وثلثٌ“ بالَّرفع، على طريق من يكتب المنصوب / بغير ألفٍ، وقال في «الكواكب»: أو يكون في «كان» ضمير الشَّأن، فيرتفع على الخبر (بِمُدِّكُمُ اليَوْمَ) وكان الصَّاع في زمنه صلعم أربعة أمدادٍ، والمدُّ: رطلٌ وثُلث رطلٍ عراقيّ (وَقَدْ زِيدَ فِيهِ) أي: في الصَّاع زمن عمر بن عبد العزيز حتَّى صار مُدًّا وثُلث مدٍّ من الأمداد العمريَّة (سَمِعَ القاسِمُ بنُ مالِكٍ الجُعَيْدَ) يُشير إلى ما سبق في «كفَّارة الأيمان» [خ¦6712] عن عثمان بن أبي شيبة عن القاسم: حدَّثنا الجُعَيد، وفي رواية زياد(2) بن أيُّوب(3) عن القاسم بن مالكٍ قال: أخبرنا الجُعيد...، أخرجه الإسماعيليُّ، وقوله: ”سمع...“ إلى آخره ثابتٌ(4) لأبوي ذرٍّ والوقت‼ فقط.
          ومناسبة الحديث للتَّرجمة _كما في «الفتح»_: أنَّ الصَّاع ممَّا اجتمع عليه أهل الحرمين بعد العهد النَّبويِّ واستمرَّ، فلمَّا زاد بنو أميَّة في الصَّاع لم يتركوا اعتبار الصَّاع النَّبويِّ فيما ورد فيه التَّقدير بالصَّاع من زكاة الفطر وغيرها، بل استمرُّوا على اعتباره في ذلك، وإن استعملوا الصَّاع الزَّائد(5) في شيءٍ غير ما وقع التَّقدير فيه(6) بالصَّاع كما نبَّه عليه مالكٌ، ورجع إليه أبو يوسف في القصَّة المشهورة.
          والحديث سبق في «الكفَّارات» [خ¦6712] وأخرجه النَّسائيُّ.


[1] في (د): «ورفع» وليس بصحيحٍ.
[2] في (ع): «يزيد»، وهو تحريفٌ.
[3] قوله: «عن القاسم: حدَّثنا الجُعَيد، وفي رواية زياد بن أيُّوب» سقط من (د).
[4] في (د) و(ع): «ثبت».
[5] «الزَّائد»: ليس في (د).
[6] «فيه»: ليس في (د).