إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عائشة في سبب نزول: {ولا يأتل أولو الفضل منكم}

          6679- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ) بن عبد الله الأويسيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ) بن سعدِ بنِ إبراهيم بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوف (عَنْ صَالِحٍ) أي: ابن كَيسان (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بنِ مسلم الزُّهريِّ (ح) لتحويل السَّند. قال البخاريُّ بالسَّند السَّابق أول هذا المجموع إليه:
          (وَحَدَّثَنَا الحَجَّاجُ) بنُ مِنهال قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ) بضم النون وفتح الميم قال: (حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ) بفتح الهمزة وسكون التحتية وكسر اللام، نسبةً إلى مدينةِ أيلةَ على ساحلِ بحرِ القلزمِ (قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ) محمَّد بنَ مسلم بن شهابٍ‼ (قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ) بن العوَّام (وَسَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ) المخزوميَّ (وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ) اللَّيثيَّ (وَعُبَيْدَ اللهِ) بضم العين (بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ) بضم العين وسكون الفوقية، ابن مسعودٍ الفقيهَ الأعمى (عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ) ♦ (زَوْجِ النَّبِيِّ صلعم حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللهُ) ╡ (مِمَّا قَالُوا) بما أنزلهُ في التَّنزيل (كُلٌّ) من الأربعةِ (حَدَّثَنِي) بالإفراد (طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ) قطعةً منه (فَأَنْزَلَ اللهُ) ╡ ({إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ}[النور:11]) والإفكُ أبلغُ ما يكون من الكذبِ والافتراء، والمراد: ما أُفِكَ به على عائشةَ ♦ ، والعصبةُ: الجماعةُ من العشرة إلى الأربعين، واعصوصَبُوا اجتمَعُوا، وقولهُ: {مِّنكُمْ} أي: من المسلمين (العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا فِي بَرَاءَتِي، فَقَالَ(1) أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ) ☺ (وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ) وكان ابن خالتهِ: (وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا) سقط «أبدًا» لغير أبي ذرٍّ (بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ) عن عائشة من الإفكِ (فَأَنْزَلَ اللهُ) ╡: ({وَلَا يَأْتَلِ}) ولا يحلفْ، من ائتلى إذا حلفَ(2) افتعالٌ من الأليةِ ({أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ}) في الدِّين ({وَالسَّعَةِ}) في الدُّنيا ({أَن يُؤْتُوا}) أي: لا يؤتوا ({أُوْلِي الْقُرْبَى} الاية[النور:22]) كذا رأيتُه في الفرع: {الْقُرْبَى} وفي هامشه ما نصّه: في «اليونينيَّة» مكتوب: ”القربة“ وليس عليها تمريضٌ ولا ضبَّة، ومضبوطةٌ بفتح التاء المنقلبة عن الهاء، فالله أعلم أنَّه سهو فليحرَّر. انتهى. قلتُ: وكذا رأيتُه في «اليونينيَّة»، وهذا مخالفٌ للتِّلاوة، وفي كثير من الأصولِ: {الْقُرْبَى} كالتَّنزيل، وهو الصَّواب (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) ☺ : (بَلَى وَاللهِ، إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُـ)ـها (عَلَيْهِ وَقَالَ: وَاللهِ لَا أَنْزِعُهَا عَنْهُ أَبَدًا).
          وهذا موضعُ التَّرجمة؛ لأنَّ الصِّدِّيق ☺ كانَ حالفًا على تركِ طاعةٍ، فنهيَ عن الاستمرارَ على ما حلفَ عليه، فيكون النَّهي عن الحلفِ على فعل المعصيةِ أولى، والظَّاهر من حالهِ عند الحلفِ أن يكون قد غضبَ على مسطحٍ من أجلِ خوضهِ في الإفكِ.


[1] في (ع) و(ص): «وقال».
[2] «من ائتلى إذا حلف»: ليست في (د).