الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب حكم المرتد والمرتدة

          ░2▒ (باب: حُكْم المُرْتَدِّ والمُرْتَدَّة)
          أي: هل هما سواء أم لا؟
          قوله: (واستتابتهم) قالَ القَسْطَلَّانيُّ: كذا ذكره بعد الآثار المذكورة، وقدَّم ذلك في رواية أبي ذرٍّ على ذكر الآثار، وللقابسي: <واستتابتهما>_بالتَّثنية_ وهو أوجَهُ، ووجهُ الجمع قال في «فتح الباري»: على إرادة الجنس، وتعقَّبه العينيُّ، فقال: ليس بشيء، بل هو على قول مَنْ يرى إطلاق الجمع على التَّثنية. وفي هامش «النُّسخة المصريَّة»: قوله: (واستتابتهم) أي: المرتدِّ والمرتدَّةِ، وجرى في جمعها(1) على القول بأنَّ أقلَّ الجمع الاثنان، وهو مقدَّم في نسخة على ما قبله، وهو أنسب. انتهى.
          قلت: ومسألة الباب خلافيَّة شهيرة، وهو البحث الرَّابع مِنَ الأبحاث الخمسة المذكورة في الباب السَّابق، ففي «الأوجز»: قوله صلعم: ((مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ)) يعمُّ الرِّجال والنِّساء أم لا؟ مسألة خلافيَّة.
          قالَ الموفَّقُ: لا فرق بين الرِّجال والنِّساء في وجوب القتل، ويُروى ذلك عن أبي بكر وعليٍّ وغيرهما مِنَ التَّابعين، وهو قول مالكٍ والشَّافعيِّ وإسحاقَ، ورُوي عن عليٍّ وغيره مِنْ بعض التَّابعين أنَّها تُسْتَرقُّ ولا تُقتل، لأنَّ أبا بكر استرقَّ نساء بني حنيفة وذراريَّهم، وأعطى عليًّا منهم امرأةً، فولدت له محمَّد ابن الحنفيَّة، وكان هذا بمحضر مِنَ الصَّحابةِ فلم ينكر، فكان إجماعًا، وقال أبو حنيفة: تجبر على الإسلام بالحبس والضَّرب، ولا تُقتل، لقوله صلعم: (لَاْ تَقْتُلُوا امْرَأَةً) ولأنَّها لا تقتل بالكفر الأصليِّ، فلا تقتل بالطَّارئ كالصَّبيِّ. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          وقالَ الحافظُ في «الفتح»: قالَ ابنُ المنذر: قال الجمهور: تُقْتَل المُرْتَدَّة، وقَال عَليٌّ: تُسْتَرقُّ، وقال عمر بن عبد العزيز: تباع بأرضٍ أخرى، وقال الثَّوريُّ: تُحبس ولا تُقتل، وأسنده عن ابنِ عبَّاسٍ، وقال أبو حنيفة: تُحبس الحرَّة ويُؤمر مولى الأَمَة أن يُجْبِرَها. انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: روى أبو حنيفة عن عاصم عن أبي رزين عن ابنِ عبَّاسٍ: ((لا تقتلُ النِّساء إذا هُنَّ ارْتَدَدْن)) أخرجَه ابنُ أبي شيبة والدَّارَقُطْنيُّ، وخالفه جماعة مِنَ الحفَّاظ في لفظ المتن. انتهى.
          وكتبَ الشَّيخُ في «اللَّامع»: (باب: حكم المرتدِّ والمرتدَّة) أثبت المدَّعَى بالعمومات والإطلاقات. انتهى.
          ففي «هامشه»: أشار الشَّيخ بذلك إلى دفع ما يَرِدُ على الإمام البخاريِّ مِنْ أنَّه ترجم بالجزأين المرتدِّ والمرتدَّة، وليس في أحاديث الباب ذكرُ المرتدَّة. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((جمعهما)).