الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا أعتق عبدا بين اثنين أو أمة بين الشركاء

          ░4▒ (باب: إذا أعْتَق عبدًا بين اثْنَين أو أَمَة بين الشُّرَكاء)
          قال ابن التِّين: أراد أنَّ العبد كالأَمَة لاشتراكهما في الرِّقِّ. انتهى.
          وكأنَّه أشار إلى ردِّ قول إسحاق بن راهَوَيْهِ: إنَّ هذا الحكم مختصٌّ بالذكور، وهو خطأ، وادَّعى ابن حزم أنَّ لفظ العبد في اللُّغة يتناول الأَمَة، وفيه نظر، ولعلَّه أراد المملوك، وقالَ القُرْطُبيُّ: العبد اسم للمملوك الذَّكَر في أصل وضعه، والأَمَة اسم لمؤنَّثِه بغير لفظه، ومِنْ ثَمَّ قال إسحاق: إنَّ هذا لا يتناول الأنثى، وخالفه الجمهور(1). انتهى.
          ثم اعلم أنَّ مسألة الباب_ يعني إعتاق العبد المشترك_ خلافيَّة شهيرة اختلفوا على ثلاثة أقوال، وحاصل المذاهب فيه: أنَّ الرَّجل إذا أعتق بعض مملوكه يعتقُ كلُّه في الحال بغير استسعاء عند الأئمَّة الثَّلاثة وصاحبَي أبي حنيفة، وقال الإمام الأعظم ☼: يستسعي في الباقي، وإن كان العبد مشتركًا بينهما فأعتق أحدهما نصيبه، فقال الإمام أبو حنيفة: الشَّريك الآخر مخيَّر بين ثلاثة أمور: يعتق نصيبه أو يستسعي، والولاء لهما في الوجهين، أو يغرم الأول فالولاء له، ويستسعي العبد، وقال / صاحباه: ليس له إلَّا الضَّمان مع اليسار أو السِّعاية مع الإعسار، ولا يرجع العبد على المعتق بشيء، والولاء للمعتق في الوجهين، وقالت الأئمَّة الثَّلاثة في المشهور عنهم: إن كان الأوَّل موسرًا يغرم والولاء له، وإلَّا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ ولا يستسعي، وهذا الاختلاف مبنيٌّ على اختلاف آخر، وهو أنَّ الاعتاق مُتَجَزٍّ عند الإمام أبي حنيفة ومَنْ وافقه مُطْلقًا، يعني: في حالتي اليسر والعسر، وليس بمُتَجَزٍّ مُطْلقًا عند صاحبيه ومَنْ وافقهما، ومُتَجَزٍّ في حالة العسر دون اليسر في المشهور مِنْ أقوال الأئمَّة الثَّلاثة الباقية، وهذا تفصيل المذاهب الأئمَّة السِّتَّة، وإلَّا ففي المسألة أقوال أخر، فقد ذكر النَّوويُّ فيها عشرة مذاهب، و«العينيُّ على البخاريِّ» أربعة عشر مذهبًا، وفي «الأوجز» عشرين مذهبًا. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] فتح الباري:5/151