الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج

          ░18▒ (باب: مَنْ أراد أن يعتكف ثمَّ بدا له أن يخرج)
          قال الحافظ: أورد فيه حديث عائشة، وقد تقدَّمت مباحثه، وفيه إشارة إلى الجزم بأنَّه لم يدخل في الاعتكاف ثمَّ خرج منه، بل تركه قبل الدُّخول فيه، وهو ظاهر السِّياق / خلافًا لمن خالف فيه. انتهى.
          كذا قال الحافظ هاهنا، وقال في (باب: اعتكاف النِّساء) تحت حديث الباب: وفيه جواز الخروج مِنَ الاعتكاف بعد الدُّخول فيه، وأنَّه لا يلزم بالنِّيَّة ولا بالشُّروع فيه، ويُستنبط منه سائر التَّطوُّعات خلافًا لمن قال باللُّزوم.
          وفيه أنَّ أوَّل الوقت الَّذِي يدخل فيه المعتكف: بعد صلاة الصُّبح، وهو قول الأَوزاعيِّ وغيره، وقال الأئمَّة الأربعة: يدخل قبيل غروب الشَّمس، وأوَّلوا الحديث على أنَّه دخل مِنْ أوَّل اللَّيل، ولكن إنَّما تخلَّى بنفسه في المكان الَّذِي أعدَّه [لنفسه] بعد صلاة الصُّبح، وهذا الجواب يشكل على مَنْ منع الخروج مِنَ العبادة بعد الدُّخول فيها، وأجاب عن هذا الحديث بأنَّه صلعم لم يدخل المعتَكَف ولا شرع في الاعتكاف، وإنَّما همَّ به ثمَّ عرض له المانع المذكور فتركه، فعلى هذا فاللَّازم أحد الأمرين: إمَّا أن يكون شرع في الاعتكاف فيدلُّ على جواز الخروج منه، وإمَّا ألَّا يكون شرع فيدلُّ على أنَّ أوَّل وقته بعد صلاة الصُّبح(1). انتهى.
          قلت: وترجمة المصنِّف هذه صريحة في أنَّه ╕ لم يشرع في الاعتكاف إلى الصُّبح، فلعلَّ الإمام البخاريَّ اختار في هذه المسألة مذهب الأوزاعيِّ.


[1] فتح الباري:4/277