التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}

          ░41▒ (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحِكْمَةَ}[لقمان:12]).
          قيل: لقمان هو ابن باعور، عاش ألف سنة وأدرك داود وأخذ عنه العلم وكان يفتي قبل مبعث داود فلمَّا بعث داود قطعها، وكان من أهل أيلة تَتَلْمَذَ لألف.واختُلِفَ في نبوَّته فقال ابن المسيِّب: كان من سودان مصر ذو مشافر، قال: وكان نبيًّا وعنه أعطاه الله الحكمة ومنعه النُّبوَّة وعنه أنَّه كان خيَّاطًا، وعن عكرمة قال: كان نبيًّا، نقله عن الحوفيِّ، وقيل: كان عبدًا صالحًا مملوكًا، وعند ابن عبَّاس: كان عبدًا حبشيًّا نجَّارًا، وفي «المعاني» للزَّجَّاج نجَّادًا بالدَّال المهملة، وقيل: كان راعيًا.قال جابر بن عبد الله: كان قصيرًا أفطس من النَّوْبَةِ، وقيل: كان لرجل من بني إسرائيل فأعتقه، وقال ابن قتيبة: لم يكن نبيًّا في قول أكثر النَّاس.
          وقال الواقديُّ: كان يحكم ويقضي في بني إسرائيل وزمنه ما بين عيسى ومحمَّد، وقال وهب: كان ابن أخت أيِّوب، وقال مقاتل: زعموا أنَّه ابن خالته وكان في زمن داود.قيل للقمان: ما الذي بلغ بك ما ترى يعني من الفضل؟ قال: صِدْقُ الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني.قال لابنه وكان اسمه داران: يا بني إذا نزل بك / ما تحبُّ وما تكره فليكن المضمر من نفسك أنَّ الذي نزل خير، فسافر هو وابنه مرَّة مع قوم ففني زاد لقمان وعطب ظهره وانكسرت رجل ابنه وذهب القوم وتركوه، فجعل ابن لقمان ينكر على أبيه ويقول: يا أبةِ ألم تكن تقول لا ينزل بك من الأمر ما تحبُّ وما تكره إلَّا كان المضمر من نفسك أنَّ الذي نزل بك خير؟، قال: نعم هو كذلك، قال: ألا ترى ما نحن فيه فنُودِيَ لقمان وابنه يسمع: إنَّما فعل بك هذا لأنَّه يريد عذاب القوم والمراد نجاتك، أو نحوه، قال: أسمعت يا بنيَّ؟ قال: بلى.قال: وأيقنت؟ قال: بلى.
          قوله: ({وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:13]) أصل الظُّلم وضع الشَّيء في غير موضعه، قاله الأصمعيُّ، قال غيره: المشرك يثبت نعمة الله إلى غيره.
          قوله: تصاعر تعرض، وَتُصَعِّرُ: الإِعْرَاضُ بِالوَجْهِ.قال أبو الجوزاء: يقول بوجهه هكذا ازدراءً بالنَّاس، وأصله من الصَّعَرِ، وهو داء يأخذ الإبل تلوى منه أعناقها.