التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب قول الله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل}

          ░1م▒ قوله: ({وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة:30]) هو آدم ◙ ، واختُلِفَ لم سُمِّيَ خليفة، فقيل: لأنَّه يخلفه من بعده، وقيل: لأنَّه يخلفه من قبله، والوجهان سائغان في اللُّغة، أن يكون فعيلًا بمعنى فاعل وبمعنى مفعول.واعلم أنَّه لا يُقَالُ لأحد خليفة الله إلَّا لآدم وداود؛ لأنَّ الله استخلفهما في الأرض خليفة، وقال: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ}[ص:26].
          قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}[الطارق:4]) حفظة / يحفظون عملك ورزقك وأجلك يا ابن آدم إذا تُوفِّيَته قُبِضْتَ إلى ربك ╡، وهذا الأثر عن ابن عباس أخرجه ابن جرير عن محمَّد بن سعد، قال حدَّثني أبي قال: حدَّثني عمِّي قال: حدَّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبَّاس فذكره، واختلف القرَّاء في تشديد لمَّا وتخفيفه، فشدَّده (1) حمزة وكذا الحسن يقول: (إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ).
          وخفَّف أبو عمرو ونافع بمعنى: إن كلُّ نفس لمَّا عليها حافظ على أنَّ اللَّام جواب (إِنْ) و(مَا) التي بعدها صلة، وإذا كان كذلك لم يكن مشدَّدًا، وقال أبو زكريا يحيى بن زياد في «معانيه»: قرأ العوامُّ بالتَّشديد وخفَّفه بعضهم.
          قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الرِّيشُ وَالرِّيَاشُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ) وفيه قول آخر أنَّها الجمال والهبة، وقيل: المعاش.
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ}[الطارق:8]: النُّطْفَةُ فِي الإِحْلِيلِ) هذا أخرجه ابن جرير من حديث ابن أبي نُجيح عن عبد الله بن أبي بكر عنه، وفيه الماء بدل النُّطفة، وعن الضَّحاك: إن شئت رددته كما خلقته من ماء، وفي لفظ: إن شئت رددته من الكبر إلى الشَّباب، ومن الصبيِّ إلى النُّطفة، وقال ابن زيد: إنَّه على حبس ذلك الماء لقادر.وعن قتادة معناه أنَّ الله على ردِّ الإنسان المخلوق من ماء دافق من بعد مماته حيًّا كهيئته قبل مماته لقادر.وفي «تفسير عبد بن حميد» عن عليٍّ قال: أن يرده نطفة في صلب أبيه.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}[البقرة:37]: هُوَ قَوْلُهُ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا}[الأعراف:23]) كذا (2) أخرجه ابن جرير من رواية حصين عنه، و(أَبُو العَالِيَةِ) هو الرِّيَاحِيُّ، أعتقته امرأة من بني رياح حيٌّ من تميم (3) يُقَالُ لها: أميَّة، وقيل: أمينة، سائبة لوجه الله تعالى، وطافت به على حلق المسجد.قيل: أدرك الجاهليَّة وأسلم بعد موت رسول الله صلعم بسنتين، كان ابن عباس يجلسه معه على السَّرير، وقريش تحته، اسمه: رُفَيْعُ _بضمِّ الرَّاء وفتح الفاء_ ابْنُ مِهْرَانَ _بكسر الميم وإسكان الهاء_ تُوفِّيَ سنة تسعين.
          قوله: ({فَأَزَلَّهُمَا الشَيْطَانُ}[البقرة:36]: فَاسْتَزَلَّهُمَا) أي: دعاهما إلى الذِّلة، وقُرِئَ فأزالهما، وأنكره أبو حاتم، قال: لأنَّه لا يقدر على أكثر من الوسوسة.


[1] صورتها في الأصل:((مشددة)).
[2] صورتها في الأصل:((ذا)).
[3] صورتها في الأصل:((تميمة)).