التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه}

          ░3▒ بَابُ قَوْلِهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}[هود:25].
          اختُلِفَ في اسم نوح على قولين:
          أحدهما: عبد الغفَّار، ذكره السُّهيليُّ، وسُمِّيَ نوحًا لكثرة نوحه، وقيل: أوحى الله إليه لِمَ تنوح؟ لكثرة بكائه، فسُمِّيَ نوحًا.
          وثانيهما: يَشْكُر، وهو من / ولد إدريس، وكان بينه وبين إدريس ألف سنة.قال الثَّعلبيُّ: أرسله الله إلى ولد قابيل ومن تبعهم من ولد شيث وله خمسون سنة، ولمَّا أمر باتِّخاذ السَّفينة قيل له: اغرس السَّاج فغرسه حتَّى أتي عليه أربعون سنة فلمَّا أدرك صنع السَّفينة ثمانين ذراعًا وعرضها خمسين ذراعًا وسمكها في السَّماء ثلاثين ذراعًا.وعن ابن عبَّاس: طولها ستُّمائة ذراع وستون ذراعًا، وعرضها ثلاثمائة وثلاثون ذراعًا، وسمكها ثلاثة وثلاثون (1) ذراعًا.فأرسل الطُّوفان على قومه في سنة ستُّمائة من عمره، ولبث في السَّفينة ثمانية وخمسين يومًا.
          قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (بَادِئَ الرَّأْيِ) مَا ظَهَرَ لَنَا) وقال غيره: معناه اتَّبعوك في ظاهر الأمر، وباطنهم على خلاف ذلك، وقيل: ولم يتفكَّروا في باطنه وعاقبته، وأثر ابن عبَّاس أخرجه ابن أبي حاتم.
          قوله: ({أَقْلِعِي}[هود:44]: أَمْسِكِي) أي: لا تُمطري، وهذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه: حدَّثنا أبو صالح حدَّثنا أبو معاوية ابن صالح عن عليِّ بن أبي طلحة عنه.
          قوله: ({وَفَارَ التَّنُّورُ}[هود:40]: نَبَعَ المَاءُ) قال مُجاهد: هو تنُّور الخابز.وقيل: تنُّور كان بالكوفة موضع مسجدها (2) الآن.وقال عكرمة: التَّنور: وجه الأرض.وما قاله عكرمة قاله ابن عبَّاس، أي: وفار بالماء وجه الأرض، قال: وكانت علامة بين نوح وربِّه، إذا رأيت الماء قد فار على وجه الأرض، فاركب أنت وأصحابك السَّفينة، وقال قتادة: التَّنور أشرف موضع في الأرض، وكان الماء قد فار منه.
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الجُودِيُّ}[هود:44] جَبَلٌ بِالْجَزِيرَة) هذا رواه ابن أبي حاتم من حديث ورقاء عن ابن أبي نُجيح عنه بزيادة: ((تشاممت الجبال يوم الغرق وتطاولت وتواضع هو لله، فلم يغرق فأرسيت عليه سفينة نوح)).وقال الضَّحاك: الجوديُّ جبل بالموصل، وقيل: هو جبل بناحية آمد.


[1] في الأصل:((وثلاثين)).
[2] في الأصل:((متخذها)).