التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب قول الله تعالى: {وآتينا داود زبورًا}

          ░37▒ (بَابُ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا}[النساء:163])
          وهو مائة وخمسون سورة ليس فيها إلَّا ثناء على الله تعالى ووعظ فقط، والزَّبور بمعنى المزبور وهو المكتوب، زَبَرَهُ إذا كَتَبَهُ.قال البخاريُّ: (الزَّبور: الكُتُبُ، وَاحِدُهَا زَبُورٌ، زَبَرْتُ كَتَبْتُ) وكان حمزة يضمُّ الزَّاي وغيره من القرَّاء يفتحها، قال الكسائيُّ: من قرأ بالفتح فهو عنده واحد، وقيل: هو / فعول بمعنى مفعول كما قدَّمناه، مثل حلوب، أي: لأزبرته فهو مزبور، أي: مكتوب، ومن يضمُّ فهو عنده جمع وهو بمعنى العطاء لداود، قيل: وخصَّ الزَّبور بالذِّكر لأنَّ داود كان ملكًا فلم يذكر ما أتاه من الملك وذكر ما أتاه من الكتاب تنبيهًا على فضله، وقيل: لأنَّه كان في الزَّبور محمَّد خاتم الأنبياء، وأنَّ أمَّته يرثون الأرض كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[الأنبياء:105].
          تنبيــــــه: عاش داود مائة وسبعين سنة وقبره بالقدس، ذكره ابن الملقِّن.
          قوله:({يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}[سبأ:10] قَالَ مُجَاهِدٌ: سَبِّحِي مَعَهُ) وَرُوِيَ عن قتادة والضَّحاك سيري معه، وقيل معناه سيري معه نهارًا، وقيل: سبِّحي نهارك كلَّه كتأويب السَّائر نهاره كلَّه، وحكى ابن فارس عن قوم أنَّهم يقولون: أبت إلى بني فلان إذا (1) أتيتهم ليلًا، وتأوبتهم كذلك (2).
          قوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ}[سبأ:11] قال الأعمش: أُلِيْنَ له حتَّى صار كالخيوط.
          قوله: ({أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}[سبأ:11] الدُّرُوعَ) أي: قوام، يُقَالُ: سبغ الثَّوب إذا غطَّى ما هو عليه وفضل.
          قوله: ({وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}[سبأ:11] المَسَامِيرِ وَالحَلَقِ، وَلاَ يُدِقَّ المِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ، وَلاَ يُعَظِّمْ فَيَفْصِمَ) قيل صوابه: فيَسْلَسَ، قال القاضي: كذا عند الأصيليِّ، ومعناه فتخرج من الثُّقب برفق ولين، أو تتحرك لرقَّتها (3) حين تلين عند خروجها، وعند غيره: (فَيَتَسَلْسَلَ) والسَّلسال الاتصال.


[1] في الأصل:((إذ)).
[2] في الأصل:((ذلك)).
[3] في الأصل: غير واضحة.