التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: ائذن له وبشره بالجنة

          3674- قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هَذَا هُوَ سُلَيمان بن بلالٍ، تقدَّم مِرارًا، و(شَرِيكُ ابنُ أَبِي نَمِرٍ): هو شَرِيك ابنُ عبد الله بن أبي نَمِر، تقدَّم بعضُ ترجمتِه [خ¦1250]، و(سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّـَبِ): تقدَّم أنَّ ياء أبيه بالكسر والفتح، وأنَّ غيرَ أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح [خ¦26]، و(أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): تقدَّم مِرارًا أنَّه عبدُ الله ابن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.
          قوله: (وَجَّهَ هُنَا(1)): (وَجَّه)؛ بفتح الواو، وتشديد الجيم: فعل ماضٍ؛ أي: توجَّه، كذا ضبطه النَّوويُّ في «رياضه»، وقال ابن قُرقُول في «مطالعه»: (وقيَّده بعض شيوخنا: «وجْه»؛ بسكون الجيم؛ أي: هذه الجهة، ورجَّحه بعضهم)، انتهى، وما قاله عَنْ بعض شيوخه هُوَ نسخةٌ في هامش أصلنا الَّذِي سمعنا فِيْهِ عَلى العراقيِّ.
          قوله: (فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ): تقدَّم أنَّه يقال: إِثْر وأثَر، وتقدَّم [ما] قاله شيخنا فِيهِ [خ¦278].
          قوله: (بِئْرَ أَرِيْسٍ): هو بفتح الهمزة، وكسر الرَّاء المخفَّفة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ سينٌ مهملةٌ، قال النَّوويُّ في «رياضه»: (في «أريس» الصرف وعدمه)، وفي «شرح مسلم» في (فضل عثمان) ذكر الصرف فقط، وهي بئرٌ معروفةٌ بقرب مسجد قباء خارج مدينة النبيِّ صلعم.
          قوله: (وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا): (القُفُّ)؛ بضمِّ القاف وتشديد الفاء، قال ابن قُرقُول: (البناء حول البئر، والقفُّ أيضًا: حجرٌ في وسط البئر، / وهو أيضًا شفتاها، وهو أيضًا مصبُّها؛ أَيْ: مَصَبُّ الدَّلو)، وفي «النِّهاية»: (قُفُّ البئر: هُوَ الدِّكَّة التي تُجعَل حولها، وأصل القُفِّ: ما غَلُظ مِن الأرض وارتفع، أو هو مِنَ القفِّ اليابس؛ لأنَّ ما ارتفع حول البئر يكون يابسًا في الغالب)، انتهى.
          قوله: (لأَكُونَنَّ(2) بَوَّابَ رَسُولِ اللهِ صلعم الْيَوْمَ): هذا لا يخالف ما سيجيء في مناقب عثمان: (وأمرني بحفظ باب الحائط) [خ¦3695] خلافًا للداوديِّ، فإنَّ كونه بوَّابًا ناشئٌ عَنْ أمره ◙.
          قوله: (عَلَى رِسْلِكَ): تقدَّم أنَّه يُقال بفتح الراء وكسرها باختلاف المعنى، وتقدَّم معناها [خ¦567].
          قوله: (فقلْتُ:... أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ، فقال: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجنَّةِ): تنبيه: ذكر شيخنا أنَّه رُوي عَنْ أنسٍ لمَّا كان ◙ في البستان: أنَّه بشَّر الصِّدِّيق ثمَّ عمر ثمَّ عثمان بالخلافة والجنَّة، قال أَبُو سعيد الكَنْجَرُوذيُّ في «العوالي الصَّحاح»(3): (قيل: تفرَّد به عبد الصمد(4) بن عبد الرَّحمن، وكلُّهم ثقاتٌ) انتهى، وقد ذكر الذهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة عبد الأعلى بن أبي المساور حديثًا من جملة ما أنكر عليه وعزاه للطبرانيِّ: (حدَّثنا محمَّد بن الحسين الأنماطيُّ: حدَّثنا سعيد بن سليمان: حدَّثنا عبد الأعلى بن أبي المساور عَن المختار بن فلفل عَنْ أنسٍ: دخل النَّبيُّ صلعم حائطًا، فجاء رجلٌ فقرع الباب، فقال: «يا أنس؛ افتح وبشِّره بالجنَّة وأنَّه سيلي الأمر من بعدي» ففتحتُ؛ فإذا أبو بكر)، انتهى، وهذا الَّذِي ظهر في نقدي أنَّه منكرٌ؛ لأنَّ أنسًا لَمْ يكن معهم يوم بئر أريس، ولأنَّ الآذن عليه في بئر أريس أَبُو موسى الأشعريُّ، وتعدُّد الواقعة فِيْهِ بُعْدٌ، وفيه أنَّه لَمْ يذكر معه أحدًا، بل الصِّدِّيق وحده، والله أعلم، ولا شكَّ أنَّ ما ذكره الذهبيُّ في هذه الترجمة إلَّا لنكارته أو غرابته عليه، والله أعلم.
          قوله: (وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ): أخو أبي موسى هَذَا لا أعرفه بعينه، لكن قال بعضُ الحُفَّاظ المِصريِّين: (هُوَ أبو رُهْم، أو أبو بُرْدَةَ) انتهى، وله إخوةٌ فيما أعلم؛ أحدهم: أبو برْدَةَ بن قيس، واسمُه عامرٌ، صحابيٌّ، وله روايةٌ في «مسند أحمدَ»، وله في «مسند بَقِيٍّ» حديثٌ واحدٌ، قَدِمَ على النَّبيِّ صلعم عامَ خيبر، روى عنه: ابنه بُرَيد وكُرَيب بن الحارث بن أبي موسى، وله أخٌ ثانٍ: أبو رهم، صحابيٌّ أيضًا، وله أخٌ ثالثٌ: اسمه مجدي بن قيس الأشعريُّ، استدركه الغسَّانيُّ، صحابيٌّ، وقيل: أبو رُهْم اسمُه مجدي، وأخٌ رابعٌ: اسمه محمَّد بن قيس، ورد في حديث لا يصحُّ، وله أخٌ آخَرُ: كنيتُه أبو عامرٍ، اسمُه هانئ، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: عُبيد، وقيل: عبَّاد، ذكره الذهبيُّ في «تجريده» في (الكنى)، ولا أعلم مَن أراد مِن هؤلاء إلَّا ما ذكرتُه فيما مضى قريبًا عَنْ بعض الحُفَّاظ، والله أعلم.
          قوله: (قَدْ مُلِئَ): هُوَ مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، مهموز الآخر.
          قوله: (وُِجَاهَهُ): هُوَ بكسر الواو وضمِّها لغتان، ومعناهما: المقابلة، وقد حكى اللُّغتين الجوهريُّ وابن قُرقُول وابن الأثير.
          قوله: (شَرِيكٌ): هو ابنُ عبد الله بن أبي نَمِر المذكورُ في السند، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
          قوله: (فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ): يعني: في اجتماعهم في مكانٍ قريبٍ بعضهم من بعض، وكذا جاء في «الصحيح»: (اجتمعوا ههنا وانفرد عثمان)؛ يعني: في البقيع، وليس المراد مِن أنَّهم في المدفن واحدٌ عَنْ يمينه والآخر عَنْ شماله؛ وذلك لأنَّ في صفة قبورهم ثلاثة أقوال؛ فقيل: هكذا:
          وَهوَ الأكثر، وقال النَّوويُّ: المشهور الصِّفة الأولى، قال: (لأنَّ رأس أبي بكرٍ عند منكب النبيِّ صلعم)، أو هكذا:
          أو هكذا:
          وسيأتي ما يوهِم كيفيَّةً أخرى، وقد روى أبو داود بسنده عَن القاسم بن محمَّد قال: (دخلت على عائشة ♦ فقلت: يا أُمَّتاه؛ اكشفي لي عن قبر رسول الله صلعم وصاحبَيهِ، فكشفت لي عَنْ ثلاثة قبور لا مُشرِفَةٍ ولا لاطِئةٍ، مبطوحةٍ ببطحاء العرصة الحمراء)، رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ، والحاكم بزيادة: (فرأيت رسول الله صلعم مقدَّمًا، وأبا بكر رأسُه بين كتفي النَّبيِّ صلعم، وعمر رأسه عند رِجْلَي النَّبيِّ صلعم)، ثُمَّ قال: (هَذَا حديث صحيح الإسناد)، انتهى.
          تنبيه: رأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» عَنْ عائشة _بإسنادٍ فِيْهِ عَوْبَدٌ عَنْ أبيه؛ وهو أبو عمران الجونيُّ، وفيه ابن بابَنُوس؛ وهو يزيد، وسأذكر ترجمتهما قريبًا وفِي (باب مرض النَّبيِّ صلعم) [خ¦4438]_ حديثًا طويلًا وفي آخره: (أدخِلوه فادفنوه معه _يعني: عمر_ أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره)، ولكنَّ هذا حديث في إسناده عَوْبَد، وهو متروك، وفيه ابن بابَنُوس، ولم يروِ عنه إلَّا أبو عمران الجونيُّ، فهو مجهولٌ، وحديث القاسم صحيحٌ، وقد قدَّمته أعلاه، والله أعلم.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (ههنا).
[2] في (أ): (أكوننَّ)، والمثبت من «اليونينيَّة» و(ق).
[3] في (أ): (عوالي الصحابة)، والمثبت من نسخة لـ«التوضيح» بخطِّ البرهان.
[4] في (أ): (تفرَّد به الصهر)، وفوقها: (كذا)، والمثبت من نسخة لـ«التوضيح» بخطِّ البرهان.