التلقيح لفهم قارئ الصحيح

موقوف ابن سالم: شخص بصر النبي ثم قال في الرفيق الأعلى

          3669- 3670- قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ...) إلى آخره: هذا تعليقٌ بصيغة جزمٍ، فهو صحيحٌ إلى عبد الله بن سالم، وعبد الله بن سالم ليس من شرط الكتاب، وهو أشعريٌّ وُحاظيٌّ حمصيٌّ، كنيتُه أبو يوسفَ، يروي عن محمَّدِ بن زياد الألهانيِّ، وإبراهيمَ بنِ أبي عبلة، والزُّبيديِّ، وجماعةٍ، وعنه: عبدُ الله بن يوسفَ التِّنِّيسيُّ، وأبو مُسْهِر، وجماعةٌ، أثنى عليه غيرُ واحدٍ، وقال أبو عُبَيدٍ الآجُرِّيُّ: (سمعتُ أبا داود يذمُّه، وكان يقول: عليٌّ أعان على قتل أبي بكر وعمر) انتهى، وقد كذب في ذلك والله، وقال النَّسائيُّ: (ليس به بأسٌ)، قال أبو داود: (مات سنة «179هـ»)، أخرج له أبو داود والنَّسائيُّ، وعلَّق له البخاريُّ كما ترى، وهو ناصبيٌّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد ذكره ابنُ حِبَّان في «ثقاته».
          وهذا التعليقُ ليس في شيءٍ من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا. /
          قوله: (عَنِ الزُّبَيْدِيِّ): تقدَّم مِرارًا أنَّه محمَّدُ بنُ الوليدِ الزُّبَيديُّ، أبو الهُذَيل الحمصيُّ، تقدَّم مترجمًا [خ¦77]، و(الزُّبَيديُّ): بضمِّ الزاي، وهذا معروفٌ.
          قوله: (شَخَصَ بَصَرُ النَّبِيِّ صلعم): هو بفتح الشِّين والخاء المعجمتين، وبالصَّاد المهملة؛ أي: ارتفع، وقيل: امتدَّ ولم يطرف، و(بصرُ): مرفوعٌ؛ لأنَّه فاعلٌ، وأشخص بصره: مدَّه ولم يطرف، قال أبو زيد: شخَص البصرُ يشخَصُ _بالفتح فيهما_ شخوصًا، ولا أعرف الكسر، وإنَّما الكسر إذا عظُم شخصُه.
          قوله: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى): قال ابن قُرقُول: (أي: اجعلني وألحقني بهم، وهم الأنبياء والصِّدِّيقون والشُّهداء المذكورون في قوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا}[النساء:69]، وهو يقع على الجمع والواحد، وقيل: أراد: رِفق الرَّفيق، وقيل: أراد: مُرتَفَق الجنَّة، وقال الداوديُّ: هُوَ اسمٌ لكلِّ سماءٍ، وقال: «الأعلى»؛ لأنَّ الجنَّة فوق ذلك، وأهل اللُّغة لا يعرفون هَذَا، ولعلَّه تصحَّف(1) له من «الرَّقيع»، وقال الجوهريُّ: الرفيق الأعلى: الجنَّة) انتهى، وهذا الجوهريُّ ليس بصاحب اللُّغة المعروف، وإنَّما هو غيره، وقد نقل عنه ابن قُرقُول في غير موضعٍ، انتهى، وفي «النِّهاية»: (الرَّفيق: جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عِلِّيِّين، وهو اسمٌ جاء على «فَعيل» ومعناه: الجماعة؛ كالصَّدِيق والخليط، يقع على الواحد والجمع، ومنه قوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا}[النساء:69]، والرَّفيق: المرافِق في الطَّريق، وقيل: معنى «ألحقِني بالرفيق الأعلى»: بالله تعالى، يقال: الله رفيقٌ بعباده، من الرِّفق والرَّأفة، فهو «فعيلٌ» بمعنى: فاعل)، انتهى.


[1] في (أ) تبعًا لمصدره: (تصحيف)، والمثبت من «مشارق الأنوار» ░1/587▒.