التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث أبي هريرة: إذا تقرب العبد مني شبرًا تقربت منه ذراعًا

          7537- قوله: (حَدَّثَنَا(1) يَحْيَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و(التَّيْمِيُّ) بعدَه: هو سليمان بن طرخان التيميُّ، نزل فيهم بالبصرة، من السَّادة، سمع أنسًا وأبا عثمان النهديَّ، وعنه: أبو عاصم، ويزيد بن هارون، والأنصاريُّ، مناقبه جمَّةٌ، وقد أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة ░143هـ▒، وقد تَقَدَّمَ [خ¦129]، ولكن طال العهد به.
          قوله: (رُبَّمَا ذَكَرَ النَّبِيَّ صلعم): (ذَكَرَ): فعلٌ ماضٍ، والفاعلُ: (هو) عائد على أبي هريرة، و(النَّبيَّ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، ومعنى هذا الكلام: أنَّ أبا هريرة ربَّما رفعه إلى النَّبيِّ صلعم، وكان يَقِفُه كثيرًا؛ يعني: يقوله من قِبَل نفسه، ولم يَعزُهُ للنَّبيِّ صلعم، وقد تَقَدَّمَ الخلافُ فيما إذا رُوِيَ الحديثُ الواحدُ [تارةً] مرفوعًا وتارةً موقوفًا، أو تارةً مرسلًا وتارةً موصولًا، والراويان ثقتان، أو كان الراوي واحدًا ثقةً، وقدَّمتُ في ذلك أربعةَ أقوالٍ؛ الصحيح: أنَّه موصولٌ أو مَرْفُوعٌ، ثُمَّ إذا قلنا في هذا الحديث نفسِه: إنَّه موقوفٌ لفظًا؛ فهو مَرْفُوعٌ معنًى؛ لأنَّ مثلَه لا يُقال من جهة الرأي، والله أعلم [خ¦456].
          قوله: (بَاعًا، أَوْ بُوعًا): (الباع) و(البوع) سواءٌ، والراوي شكَّ؛ هل قال: باعًا، أو: بوعًا؟ وأراد المحافظةَ على لفظه صلعم، و(الباع) و(البوع): طول ذِراعَي الإنسان وعَضُدَيه وعَرْض صدره، وذلك أربعةُ أَذْرُعٍ، قاله الباجيُّ، وهو من الدَّوابِّ قدرُ خَطوِهَا في المشي، وهو ما بين قوائمها، وذلك ذراعان، والمراد في هذا الحديث: سرعةُ قَبول توبة العبد، وتيسيرُ طاعته، وتقويتُه عليها، وتمامُ هدايته وتوفيقه، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي: سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم): هذا التعليقُ مجزومٌ به، وهو المعتمر بن سُليمان بن طرخان التيميُّ، وتعليقه هذا أخرجه مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الأعلى، عن معتمر، عن أبيه به، وإنَّما أتى بهذا التعليقِ البُخاريُّ؛ لأنَّ سليمانَ بن طرخان مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا التعليقِ؛ لأنَّ فيه تصريحَ سليمان بالسماع من أنسٍ، وفيه أيضًا إسقاطُ أبي هريرة، وإسنادُه إلى الرَّبِّ ╡، وجَعْلُه من مسند أنسٍ، والله أعلم.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (عَنْ).