التلقيح لفهم قارئ الصحيح

قول الله تعالى: {تؤتي الملك من تشاء}

          (بَابٌ: فِي المَشِيئَةِ وَالإِرَادَةِ)... إلى آخر الكتاب
          قال أهل اللغة: الإرادة: المشيئة، قال الجوهريُّ: (أصلها الواو)، انتهى، وأمَّا عطف البُخاريِّ (الإرادةَ) على (المشيئة)؛ فلاختلاف اللفظ، ومذهبُ أهل السُّنَّة: أنَّ الله مريدٌ بإرادةٍ قديمةٍ، وهي من صفات الذات، ولم يزل مريدًا، قال ابن الباقلَّانيِّ في «هداية المسترشدين»: (فإن قيل: يلزم على قولكم: «إنَّه لم يزل مريدًا» أنَّه لم يزل راضيًا ومُحِبًّا، وقاصدًا ومختارًا، ومواليًا ومعاديًا، وغضبانَ وساخطًا وكارهًا، ورحمانًا ورحيمًا؛ قلنا: كذلك نقول؛ لأنَّ جميعَ هذه الأسماءِ والصفاتِ راجعةٌ إلى الإرادة فقط، والله أعلم).
          وقال شيخُنا: (معنى الباب: إثبات المشيئة والإرادة لله تعالى، فإنَّ مشيئتَه وإرادتَه، ورحمتَه وغضبَه، وسخطَه وكراهيتَه؛ كلُّ ذلك بمعنًى واحدٍ أسماءٌ مترادفةٌ راجعةٌ كلُّها إلى معنى الإرادة؛ كما يُسَمَّى الشيءُ الواحدُ بأسماء كثيرة، وإرادته تعالى صفةٌ من صفات ذاته، خلافًا لمن يقول من المعتزلة: إنَّها مخلوقةٌ من أوصاف أفعاله، وقولهم فاسدٌ؛ لأنَّهم إذا أثبتوه تعالى مُريدًا، وزعموا أنَّ إرادتَه مُحْدَثةٌ؛ لم يخلُ من أن يُحْدِثَها في نفسه أو في غيره...) إلى آخر كلامه.
          قوله: (وَقَوْلُ اللهِ): هو بالرفع معطوفٌ على (بابٌ) المرفوع المنوَّن.
          قوله: (وقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّـِبِ عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (سعيد بن المُسَيَّـِب)، وأنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ [خ¦26] [خ¦57]، وتَقَدَّمَ أنَّ (المُسَيَّـِب): هو ابنُ حزن بن أبي وهب المخزوميُّ، والمُسَيِّـَبُ صحابيٌّ، وكذا حَزْن، وقدَّمتُ أنَّه لم يروِ عن المُسَيَّـِبِ إلَّا ابنُه سعيدٌ، وأنَّ فيه ردًّا على الحاكم وغيرِه في قوله في شرط البُخاريِّ، والله أعلم [خ¦1360]. /
          قوله: (نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ): تَقَدَّمَ الكلام على أبي طالب، وأنَّ اسمَه عبدُ مَناف، ويُقال: اسمه كنيته، وأنَّ بعضهم [قال]: اسمه عمران، وليس بصحيحٍ، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ بما يتعلَّق به [خ¦1008] [خ¦1360]، والذي نزل فيه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}[القصص:56]؛ الآيةُ التي تلاها قبل ذكر أبي طالب، لا الآية التي تلاها بعدَه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا يعرفه المبتدِئ اللبيبُ، والله أعلم.