التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول الله تعالى: أنا {الرزاق ذو القوة المتين}

          قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ ╡(1): ▬أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ↨): كذا في أصلنا، وفي الهامش: {إِنَّ اللهَ}، وعليه (صح)، وسقط له {هُوَ}، أو أنَّه تركها اعتمادًا لِما عُرِف عن القراءة المتواترة، ويأتي الكلام على التبويب في كلام ابن المُنَيِّر وبعده.
          ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على جاري عادته، ثُمَّ قال: (وجه مطابقة الحديثِ الآيةَ _والحديثُ وهو قوله: «ما أحدٌ أصبرَ على أذًى سمعه من الله ╡، يدْعون له الولدَ، ثُمَّ يعافيهم ويرزقهم»، قال ابن المُنَيِّر_: اشتماله على صِفَتي الرِّزْقِ والقوَّة؛ أي: القدرة، أمَّا الرِّزْقُ؛ فواضحٌ بقوله: «ويرزُقُهم»، وأمَّا القدرة والقوة؛ فبقوله(2): «ما أحدٌ أصبرَ على أذًى سمعه من الله ╡»؛ ففيه إشارةٌ إلى قدرة الله على الإحسان إليهم مع كفرهم به، وأمَّا البشر؛ فإنَّه لا يقدر على الإحسان إلى المسيء طبعًا، ولكن يتكلَّف ذلك شرعًا؛ لأنَّ الذي يحمل على المكافأة والمسارعة بالعقوبة خوفُ الفوت، والله سبحانه وتعالى قادرٌ أَزَلًا وأبدًا، لا يُعجزه شيءٌ ولا يفوته، والتلاوة: {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ})، انتهى.
          وقد قَدَّمْتُ أنَّ التلاوةَ كذا وقعت على قراءة العامَّة في هامش أصلنا، وفي أصلٍ آخَرَ كذلك وفي الهامش: القراءةُ الأخرى: ▬أَنَا الرَّزَّاقُ↨، وقد سبق في أوَّل هذا التعليق على ما إذا وقع وَهَمٌ في التلاوة ما يُصنَع به، في حديث هرقل في قوله: و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}[آل عمران:65] [خ¦7]، وقد رأيتُ في هامش نسخة _زعم كاتب الحاشية أنَّها من نسخة الصغانيِّ، والتبويب: (باب قول الله: ▬إنِّي أنا الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ↨)_ ما لفظها: (هكذا في النسخ، وقد أُصلِح في بعضها جهلًا منهم بالقراءة، وهي قراءةُ عبد الله بن مسعود ☺؛ فإنَّه قال: أقرأني النَّبيُّ صلعم: ▬إنِّي أنا الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ↨)، انتهت، والذي قاله صحيحٌ، فهي منسوبةٌ إلى ابن مسعود في «أبي داود» في (كتاب الحروف)، و«التِّرْمِذيِّ» في (كتاب القراءات)، وفي «النَّسائيِّ» في (البعوث) وفي (التفسير)، و«في مستدرك الحاكم» في (القراءات) أيضًا مرَّتين، والله أعلم، والحاصل: أنَّها قراءةٌ شاذَّةٌ، فلا تُغَيَّر إلى المتواترة، والله أعلم.


[1] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة»: (تَعَالَى).
[2] في (أ): (بقوله).