التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ}

          قوله: (قَالَ قَتَادَةُ: مَكْتُوبٌٍ): تَقَدَّمَ في (ابتداء الخلق) كيف تُقرأ التلاوة والتفسير [خ¦3194]، وكذا في أوَّل (التفسير)؛ فانظره [خ¦65] [خ¦6419]، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ؛ أحدها: أنَّ التلاوة تُقرَأ بالرفع، وكذا التفسير، مبتدأٌ وخبرٌ، وإن شئتَ؛ قرأتَ التلاوة على سبيل الحكاية كيف كانت؛ مرفوعة، أو منصوبة، أو مجرورة، وقرأتَ التفسير بالرفع، وإن شئتَ؛ قرأتَ التلاوة كيف جاءت، وكذا التفسير مثلها، فهذه ثلاثةُ أوجهٍ، والله أعلم.
          قوله: ({يُحَرِّفُونَ}[المائدة:13]: يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللهِ، وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ): اعلم أنَّ هذه المسألةَ تَقَدَّمَ الكلامُ عليها واختلافُ الناس فيها في أوائل (كتاب البيع) [خ¦2125]، وهي مسألةٌ عظيمةٌ، وقال شيخُنا هنا: (ما ذكره في {يُحَرِّفُونَ} هو رأيُه، وهو أحدُ القولين، وتجويز أصحابنا الاستنجاءَ بأوراق التوراة والإنجيل معلِّلين بتبديلهما(1) يخالِفُه)، انتهى، وقد نقل ابن الرِّفْعَة الفقيهُ نجمُ الدين جوازَ الاستنجاءِ بأوراق التوراة عن القاضي الحُسينِ فقط، وأمَّا شيخُنا؛ فإنَّه ذكر في «شرح التنبيه» ذلك في التوراة والإنجيل، انتهى، والذي يظهر لي أنَّ هذا وجهٌ، وليس بالمذهب، ويقابل ذلك أنَّ مسَّ التوراة والإنجيل وما نُسِخَت تلاوته من القرآن وحملَها يجوزُ على الصحيح؛ ففيه وجهٌ أنَّه لا يجوز، وهذا الوجهُ مبايِنٌ لِما نقله شيخُنا عن أصحاب الشَّافِعيِّ، والله أعلم، وقد ذكرتُ لك أنَّ ما قاله القاضي الحسينُ فهو وجهٌ، ويقابِله الوجهُ الآخَرُ.


[1] في (أ): (بتبدليهما)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.