التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}

          قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ ╡: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}[المعارج:4]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسناد، ثمَّ قال: (جميع ما ساقه في الترجمة مطابقٌ لها من ذكر العُرُوج والصُّعُود ونحوِ ذلك إلَّا حديثَ ابن عَبَّاس)؛ يعني: «أنَّه ◙ كان يدعو عند الكرب: لا إله إلَّا اللهُ العظيمُ(1) الحليمُ...»؛ الحديث [خ¦7431]، قال ابن المُنَيِّر: (فليس فيه إلَّا قوله: «ربُّ العرش الكريم»، فوجه مطابقته _والله أعلم_ أنَّه نبَّه على بُطلان قول مَن أثبت الجهةَ والحَيِّزَ، وفَهِم من قوله: {ذِي الْمَعَارِجِ}[المعارج:3] أنَّ العُلُوَّ الفوقيَّ مضافٌ إلى الحقِّ على ظاهره، فبيَّن البُخاريُّ أنَّ الجهة التي يصدق عليها أنَّها سماءٌ، والحيِّزَ الذي يصدق عليه أنَّه عرشٌ؛ كلُّ ذلك مخلوقٌ مربوبٌ مُحْدَثٌ، وقد كان الله ولا مكان؛ ضرورة حدوث هذه الأمكنة، وحدوثُها وقِدَمُه جلَّ جلاله يُحيل وصفَه بالتحيُّز فيها؛ لأنَّه لو تحيَّز؛ لاستحال وجودُه قبل الحيِّز مثلَ كلِّ متحيِّزٍ، / تعالى الله عن ذلك)، انتهى.
          قوله: (وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّ] (أبا جَمْرَة) هذا: بالجيم والراء، وأنَّ اسمَه نصرُ بن عِمران الضُّبَعيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا [خ¦53].
          قوله: (أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صلعم): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا ذرٍّ) جُندبُ بن جُنادة، وتَقَدَّمَ نسبُه وبعضُ ترجمته.
          قوله: (فَقَالَ لِأَخِيهِ: اعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ): أخوه هو أُنَيس، كما قدَّمتُه [خ¦3522] [خ¦3861]، وهو في «مسلمٍ» مصرَّحٌ به.
          قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: العَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الكَلِمَ الطَّيِّبَ): (الكَلِمَ): مَنْصُوبٌ، و(الطَّيِّبَ): صفةٌ له، وهذا مجازٌ، ولمَّا كان العملُ الصالح سببًا في رفع الكَلِم الطَّيِّب؛ أطلق عليه أنَّه يرفعه، وإنَّ الله تعالى يرفعه، وحذف الفاعل؛ للعلم به، وقال ابن قُرقُول: (قال مجاهد: «العمل الصَّالِحُ يَرْفَعُ الكَلِمَ الطَّيِّب»، كذا لهم، وللأصيليِّ: «يرفَعُه الكَلِمُ الطَّيِّبُ»، والقولتان مرويَّتان عن مجاهدٍ وغيرِه، والهاء عائدةٌ على «الكَلِم»، وقيل: على «العمل»، وقيل: على «الله»، هو يرفع العملَ الصالحَ)، انتهى، وقال الشيخ عزُّ الدين بن عبد السَّلام في «تفسيره»: ({وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ}[فاطر:10]: أداء الفرائض، وقيل: العبادات الخالصة، أو الموافق للسُّنَّة؛ أي: يرفع القولَ ويوصله إلى القَبول، قال ◙: «لا يقبل الله قولًا بلا عملٍ، ولا عملًا بغير نيَّةٍ»، وقيل: يعني: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}؛ أي: هو الكَلِمُ الطَّيِّبُ، وعملُ المشرِكِ لا رافعَ له، وقيل: أي يرفعه الله ويقبلُه؛ إشارةً إلى أنَّ العملَ الصَّالحَ يتوقَّف على الرَّفع في خطر الرَّدِّ، والكَلِمُ الطَّيِّبُ يصعدُ بنفسه لا محالةَ على كلِّ حالٍ، وقيل: العمل الصَّالح يرفع العامِلَ ويشرِّفُه)، انتهى.


[1] في (أ): (العليم).