التلقيح لفهم قارئ الصحيح

قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة*إلى ربها ناظرة}

          قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:22-23]): الأولى بالضَّاد غير المشالة المُعْجَمَة، ومعناها: حسنةٌ جميلةٌ، مستبشرةٌ مسرورةٌ، مشرقةٌ متهلِّلَةٌ، والثَّانية بالظَّاء المُعْجَمَة المشالة، ومعناها: ترى ربَّها عِيَانًا، ولا يصحُّ قولُ مَن قال: لأمر ربَّها أو لثوابِه منتظرة؛ لأنَّه يُقال: نظرت فيه؛ أي: تفكَّرت، ونظرته: انتظرته، ولا يُعدَّى بـ (إلى) إلَّا بمعنى العِيَان، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ردُّ قول مجاهد في ذلك، وأنَّه شاذٌّ، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ [خ¦614].
          ثُمَّ اعلم أنَّ رؤيةَ اللهِ ╡ في الدَّار الآخرة في الموقِفِ فيها ثلاثة أقوال لأهل السُّنَّة _كذا قال الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيمية_ أحدها: لا يراه إلَّا المؤمنون، وهذا الذي كنت أستحضره أنا؛ لقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}(1) [المطففين:15]، والله أعلم، والثاني: يراه أهلُ الموقف؛ مؤمنُهم وكافرُهم، ثُمَّ يحتجب عن الكفَّار، فلا يرونه بعد ذلك، والثالث: يراه المنافقون دون الكفَّار، قال الحافظ شمس الدِّين ابنُ إمامِ الجوزيَّة في «حادي الأرواح» في الباب الخامس والستِّين: (والأقوال الثَّلاثة في مذهب أحمدَ، وهي لأصحابه، وكذلك الأقوالُ الثلاثةُ بعينها في تكليمه لهم، قال: ولشيخِنا في ذلك مصنَّفٌ مفرَدٌ، وحكى فيه الأقوالَ الثلاثةَ وحُجَجَ أصحابِها)، وقال قُبَيل هذا الكلام ابنُ القَيِّمِ: (فقد دلَّتِ الأحاديثُ الصَّحيحةُ الصَّريحةُ على أنَّ المنافقين يرونه في عَرَصَاتِ القيامة، بل والكفَّار أيضًا، كما في «الصَّحيح» في حديث التجَلِّي يومَ القيامة [خ¦7437]، وسيمرُّ بك عن قريب)، انتهى.


[1] في (أ): (ثم إنهم...)، والمثبت موافق للتلاوة.