التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الركعة الأولى في الكسوف أطول

          ░18▒ بَابُ الرَّكْعَةِ الأُوْلَى مِن الكُسُوفِ أَطْوَلُ.
          1064- ذكر فيه حديث عائشةَ: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَتَيْنِ الأَوَّلُ الأَوَّلُ أَطْوَلُ).
          أخرجه عن محمودٍ: (حدَّثنا أبو أحمدَ، حدَّثنا سُفيانُ عَنْ يَحيَى عَن عَمْرَة عَن عائشةَ).
          (مَحْمُود) هو ابن غَيْلَان الحافظ، روى له مسلمٌ أيضًا، مات سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين.
          و(أَبُو أَحْمَد) اسمه محمَّد بن عبد الله بن الزُّبير الأسديُّ الكوفيُّ، وليس مِن ولد الزبير بن العوام، قال بُنْدَار: ما رأيتُ أحفظ منه، وقال آخر: كان يصوم الدَّهر، مات سنة ثلاث ومائتين.
          و(سُفْيَان) هو الثوريُّ. و(يَحْيَى) هو ابن سعيدٍ الأنصاريُّ.
          وقوله: (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَتَيْنِ) يعني: في ركعتين، لأنَّه كذلك جاء مفسَّرًا مِن غير طريقٍ، وقد تُسمَّى الركعة سجدةً، ومنه: ((مَنْ أَدْرَكَ مِن الصَّلَاةِ سَجْدَةً فَقَد أَدْرَكَها)).
          وقد قام الإجماع على أنَّ القيام الثاني مِن الركوع الأوَّل في صلاة الكسوف أقصر مِن القيام ومِن الركوع الأوَّل لقوله: ((دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ودُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ)) وكذلك أجمعوا أنَّ القيام والركوع الثاني مِن الركعة الثانية أقصر مِن الأوَّل منها.
          واختلفوا في القيام والركوع الأوَّل مِن الركعة الثانية، هل هو دون الثاني مِن الركعة الثانية أو مثله؟ وهل يرجع قوله: (دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ) إلى الركعة الأولى أو إلى الثانية منها؟
          فقال قومٌ: يرجع إلى الأولى مِن الركعة الأولى، وقال قومٌ: بل يرجع إلى القيام والركوع الثاني مِن الركعة الأولى، وهذا قول مالكٍ في «المدوَّنة» أنَّ كلَّ ركعةٍ مِن الأربع أطولُ مِن التي تليها.
          وقول عائشة: (الأَوَّلُ الأَوَّلُ) حُجَّةٌ لقول مالكٍ، وهذا كلُّه حُجَّةٌ على أبي حنيفةَ في أنَّها ركعتان كسائر النَّوافل.