التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الحرة تحت العبد

          ░18▒ (بَابُ: الحُرَّةِ تَحْتَ العَبْدِ).
          5097- ذكر فيه حديثَ عائشة في قصَّة بَرِيرة: (كَانَ فِيْهَا ثَلاَثُ سُنَنٍ: عَتَقَتْ وَخُيِّرَتْ، وَقَالَ ◙: الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ...) الحديث.
          سلف في العتق [خ¦2536]، وليس فيه هنا التَّصريح بكون زوجِها عبدًا ولا غيره، وقد تجاذبَتْ فيه الرِّوايات، فقائلٌ: كان حرًّا، وقائلٌ: كان عبدًا، فلا يتمحَّضُ للبخاريِّ استدلالُه، لا سيَّما ولم يأتِ في حديثه بشيءٍ مِنْ ذلك، نعم، ترجَّح عنده عبوديَّته _كما ستعلمه_ ولذلك ترجم به، وقد قام الإجماع على أنَّ الحرَّة يجوز لها أن تنكح العبد إذا رضيت به لأنَّ ولدَها منه حرٌّ تبعٌ لها لقوله ◙: ((كلُّ ذات رحمٍ فولدها بمنزلتها)) أي في العتق والرِّقِّ، ذكره ابن بَطَّالٍ، وذكر ابن المُنْذرِ عن الشَّافعيِّ أنَّه قَالَ: أصلُ الكفاءة مستنبطٌ مِنْ حديث بَرِيرة لأنَّ زوجها صار غير كُفُؤٍ لها فلذا خيَّرها.
          وقام الإجماع على أنَّ الأَمَة إذا أعتقت تحت العبد كانت زوجًا له، أنَّ لها الخيار في البقاء معه أو مفارقته، وذلك أنَّها حدث لها حالُ كمالٍ رَفَعَها عن العبد ونقص عنها الزَّوج، وأيضًا فهي حين عَقَدَ عليها لم تكن مِنْ أهل الاختيار لنفسها، فصار لها الآن الخيار لأنَّها أكملُ حالًا منه، وأمَّا إذا كان زوجها حرًّا فلا خيار لها عند جمهور العلماء لأنَّهما متساويان فلا فضيلة لها عليه، خلافًا للكوفيِّين إذ أثبتوا لها الخيار حرًّا كان زوجها أو عبدًا، وورد عن النَّخَعيِّ عن الأسود عن عائشة ♦ أنَّ زوجها كان حرًّا، ويأتي في أبواب التَّخيير مِنَ الطَّلاق مستوفًى إن شاء الله تعالى.