شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه

          ░11▒ باب: هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ.
          فيه: صَفِيَّةُ: (أنها أَتَتِ النَّبيَّ صلعم وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا، فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ(1) فَقَالَ: تَعَالَ(2)، هِيَ صَفِيَّةُ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: هَذِهِ صَفِيَّةُ(3)، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَتَتْهُ لَيْلًا؟ قَالَ: وَهَلْ هُوَ إِلَّا لَيْلًا؟). [خ¦2038]
          قال المُهَلَّب: فيه من الفقه تجنُّب مواضع التُّهم، وأنَّ الإنسان إذا خشي أن يسبق(4) بظنِّ سوء أن يكشف معنى ذلك الظَّنِّ، ويبرِّئ نفسه من نزغات الشَّيطان الَّذي يوسوس بالشَّرِّ في القلوب، وإنَّما خشي ◙ أن يحدث على الرَّجل من سوء الظَّنِّ فتنة، وربَّما(5) زاغ بها فيأثم أو يرتدُّ، وإن كان النَّبيُّ ◙ منزَّهًا عند المؤمنين من مواضع التُّهم(6)، ففي(7) قول النَّبيِّ صلعم: (إِنَّها صَفِيَّةُ) السُّنَّة الحسنة لأمَّته أن يتمثَّلوا(8) فعله ذلك في البعد عن التُّهم ومواقف الرَّيب، وكما جاز أن يدرأ المعتكف عن نفسه بالقول، كذلك(9) يجوز أن يدرأ عن نفسه بالفعل من يريد أذاه، وليس المعتكف أكثر من المصلِّي، وقد أُبيح له أن يدرأ عن نفسه في صلاته من يمرُّ بين يديه فكذلك المعتكف.


[1] في (م): ((الأنصار فدعاه)).
[2] قوله: ((تعال)) ليس في (م).
[3] قوله: ((وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: هَذِهِ صَفِيَّةُ)) ليس في (م).
[4] زاد في (م): ((إليه)).
[5] في (م): ((ربما)).
[6] زاد في (م): ((ومواقف الريب)).
[7] في (م): ((وفي)).
[8] في (م): ((وأن يمتثلوا)).
[9] في (م): ((فكذلك)).