شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الاعتكاف ليلًا

          ░5▒ باب: الاعْتِكَافِ لَيْلًا.
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: (أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبيَّ صلعم قَالَ: كُنْتُ نَذَرْتُ في الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قَالَ: فَأَوْفِ(1) بِنَذْرِكَ). [خ¦2032]
          وترجم له باب: إذا نذر في الجاهليَّة أن يعتكف ثمَّ أسلم، [خ¦6697] وباب(2): من أجاز الاعتكاف بغير صيام، فقياس قوله أن يجيزه(3) ليلًا، وسيأتي اختلاف العلماء في ذلك في بابه إن شاء الله. [خ¦2042] وقال مالك: من نذر اعتكاف ليلةٍ لزمه يوم وليلة. وقال سحنون: لا شيء عليه إن نذر اعتكاف ليلة لأنَّه لا صيام في اللَّيل، قال: ومن نذر اعتكاف يوم(4) لزمه يوم وليلة،(5) ويدخل اعتكافه قبل غروب الشَّمس من ليلته، وإن دخل قبل الفجر لم يُجْزِهِ، وإن أضاف(6) اللَّيلة المستقبلة.
          وقوله ◙: (أَوفِ بِنَذرِكَ) محمولٌ عند الفقهاء على الحضِّ والنَّدب(7) لا على الوجوب، بدلالة أنَّ الإسلام يهدم ما قبله، وقد حمل الطَّبريُّ قوله ◙: (أَوفِ بِنَذرِكَ) على الوجوب فقال: إنَّما أمر النَّبيُّ ◙(8) بالوفاء في الإسلام بنذرٍ كان نذره في الجاهليَّة إذ كان ذلك لله برًّا في الإسلام، فالواجب أن يكون نظيره كلَّ نذر نذره في حال كفره ممَّا هو طاعة في الإسلام أنَّ عليه الوفاء لله به في حال إسلامه قياسًا على أمره ◙ عمر أن يفي بنذره الَّذي كان نذره في الجاهليَّة في حال إسلامه، وسيأتي في كتاب الأيمان والنُّذور / مَن حمل ذلك على الوجوب، ومَن حمله على الندب مِن العلماء، وبيان أقوالهم، إن شاء الله. [خ¦6697]
          قال المُهَلَّب: وفيه دليل على تأكيد الوفاء بالوعد، ألا ترى أنَّه أمره بالوفاء به وقد خرج مِن حال الجاهليَّة إلى حالة الإسلام، وإن كان عند الفقهاء أنَّ(9) ما كان في الجاهليَّة من أيمان وطلاق وجميع العقود فإنَّ الإسلام يهدمها ويسقط حرمتها.


[1] في (م): ((أوف)).
[2] قوله: ((وباب)) ليس في (م).
[3] في (م): ((يجزيه)).
[4] في (م): ((ليلة)).
[5] قوله: ((وقال سحنون: لا شيء عليه....... يوم لزمه يوم وليلة)) ليس في (ص).
[6] زاد في (م): ((إليه)).
[7] في (م): ((على الندب والحض)).
[8] زاد في (م): ((عمر)).
[9] قوله: ((أن)) زيادة من (م).