شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الأخبية في المسجد

          ░7▒ باب: الأخْبِيَةِ في الْمَسْجِدِ.
          وذكر حديث عَمْرَةَ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إلى الْمَكَانِ الَّذي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ(1)، إِذَا(2) أَخْبِيَةٌ: خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَخِبَاءُ حَفْصَةَ، وَخِبَاءُ زَيْنَبَ) الحديث. [خ¦2034]
          قال المُهَلَّب: فيه من الفقه أنَّ المعتكف يجب أن يجعل لنفسه مكانًا(3)، بحيث لا يضيِّق على المسلمين، كما فعل الرَّسول(4) صلعم في الصَّحن إذ(5) ضُرب فيه خباءه، وفيه من الفقه أنَّ المعتكف إذا أراد أن ينام في المسجد أن يتنحَّى عن النَّاس خوف أن يكون منه ما يؤذيهم من آفات البشر.
          وقال ابن المنذر: وفيه دليل على إباحة ضرب الأخبية(6) في المسجد للمعتكفين. وقال مالك في «المجموعة»: وليعتكف في عجز المسجد ورحابه، فذلك الشَّأن فيه. وقال(7) الخطَّابيُّ: وقوله: (آلبِرَّ تَقُولُونَ بِهنَّ؟) معناه: آلبر تظنُّون بهنَّ؟
          قال الشَّاعر:. /
متى تقول القُلُصَ الرَّواسِما                     يَلحَقنَ أُمَّ عاصمٍ وعاصمًا(8)
          أي: متى تظنُّ القُلُص يلحقهما(9)، ولذلك(10) نصب القلص، قال الفرَّاء: والعرب(11) تجعل ما بعد القول مرفوعًا على الحكاية فتقول(12): عبد الله ذاهبٌ، وقلت: إنَّك قائم، هذا في جميع القول إلَّا في أتقول وحدها في حروف الاستفهام، فإنَّهم ينزلونها منزلة أتظنُّ، فيقولون: أتقول إنَّك خارج، ومتى تقول إنَّ عبد الله منطلق، وأنشد:
أمَّـا الرَّحيل فدونَ بعدِ غدٍ                     فمتـى تقول الدَّارَ تجمعنا
          بنصب الدَّار كأنَّه يقول: فمتى تظنُّ الدَّار تجمعنا، وأجاز سيبويه الرَّفع في قوله: الدَّار تجمعنا على الحكاية.


[1] زاد في (م): ((فيه)).
[2] في (م): ((رأى)).
[3] في (م): ((يجعل لنفسه في المسجد مكانًا لمبيته))، وفي (ز) و(ص) بعد قوله مكانًا: ((المسجد)) وكأنه ضرب عليها ولم يضرب عليها في (ص).
[4] في (م): ((النبي)).
[5] في (م): ((إذا)).
[6] في (م): ((الأبنية)).
[7] في (م): ((قال)).
[8] في (ص): ((عاصمًا أو أم عاصمًا)).
[9] في (م): ((يلحقها)).
[10] في (م): ((وكذلك)).
[11] في (م): ((العرب)).
[12] زاد في (م): ((قلت)).