شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الخصر في الصلاة

          ░17▒ بَابُ: الخَصْرِ في الصَّلاةِ.
          فيهِ: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: (نَهَى النَّبيُّ صلعم أَنْ يُصَلِّي الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا). [خ¦1219]
          قال المُهَلَّبُ: إنَّما كُرِهَ الخصر في الصَّلاة لأنَّه يشبه(1) المختالين، والخصر أن يضع الرَّجُل يديه على خاصرتيه، وفيه(2) معنى الكبرياء، فلا يَحِلُّ القليل منه(3)، فكيف في الصَّلاة التي هي موضوعةٌ للخُشُوع، والخيلاءُ والكبرُ يُنافيان الخُشُوع(4)، وكرهه ابنُ عبَّاسٍ وعائشةُ والنَّخَعيُّ، وهو قول مالكٍ والأوزاعيِّ والكوفيين. ورأى ابنُ عُمَرَ رَجُلًا وضع يديه(5) على خاصِرَتيه(6) في الصَّلاة فقال: هذا الصَّلْبُ في الصَّلاة، كان رَسُولُ اللهِ صلعم ينهى عنه.
          وقالت عائشةُ: هو مِن فعل اليهود، وقالت مَرَّةً: هكذا أهل النَّار في النَّار، وقال مجاهدٌ: وضع اليد على الحِقْوِ استراحة أهل النَّار.
          وقال الخَطَّابيُّ: المعنى أنَّه فعل اليهود في صلاتهم، وهم أهل النَّار، لا على أنَّ لأهل النَّار المخلَّدين فيها راحةٌ، قال الله تعالى: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}[الزخرف:75]. وقال ابنُ عبَّاسٍ(7): الشَّيطان يخصر كذلك(8).
          قال(9) حُمَيْدُ بنُ هلالٍ: إنَّما كُرِهَ التَّخَصُّرُ في الصَّلاةِ، لأنَّ إبليسَ أُهبطَ مختصرًا(10).


[1] في (م): ((لأنَّها مشية)). في (ص): ((لأنه مشية)).
[2] في (م): ((ففيه)).
[3] في (م): ((منها)).
[4] في (م): ((والكبرياء منافيان للخُشُوع)). في (ص): ((والكبر ينافي الخشوع)).
[5] في (م): ((يده)).
[6] في (م): ((خاصرته)).
[7] زاد في (م): ((في التَّخصر أن)).
[8] في (م): ((ذلك)).
[9] في (م): ((وقال)).
[10] كذا في (ص) ولعل الصواب: ((متخصرًا)).