شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب مسح الحصى في الصلاة

          ░8▒ بابُ: مَسْحِ الحَصْبَاءَ(1) في الصَّلاةِ.
          فيهِ: مُعَيْقِيْبٌ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم قَالَ في الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ، قَالَ: إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَة). [خ¦1207]
          قال المُهَلَّبُ: هذا من باب العمل في الصَّلاة، وقد تقدَّم أنَّ قليل(2) ذلك معفوٌ عنه فيها [خ¦21-1889]، / وقوله صلعم: (إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَة)، يُرِيدُ تقليل العمل فيها، ووكل الأمر في ذلك إلى أمانة المُصَلِّي، وقد رُوِيَ عن جماعةٍ من السَّلف أنَّهم كانوا يمسحون الحصى لموضع سُجُودهم مَرَّةً واحدةً، وكرهوا ما زاد عليها. رُوِيَ(3) ذلك عن ابنِ مَسْعُودٍ وأبي ذرٍّ وأبي هريرةَ، وروى مالكٌ عن يحيى بنِ سَعِيدٍ قال(4): إنَّ أبا ذرٍّ كان يقول: مَسْحُ الحَصَا مَرَّةً واحدةً، وتركُها خيرٌ من حُمْر النَّعَم. وهو قول الأوزاعيِّ والكوفيين، ورُوِيَ عن(5) ابنِ عُمَرَ(6) أنَّه كان إذا أهوى ليسجدَ مَسَحَ الحَصَا مَسْحًا خفيفًا.
          وكان مالكٌ لا يرى بالشَّيء الخفيف منه بأسًا، وقال ابنُ جُرَيْجٍ: قلت لعَطَاءٍ: أكانوا يُشَدِّدُون في مَسْحِ الحَصَا لموضع الجبين ما لا يُشَدِّدُون في مَسْحِ الوجه من التُّراب؟ قال: أجل، وإنَّما أُبِيْحَ مَسْحُ الحَصَا مرَّة وهو يسير، لأنَّ المُصَلِّي لا يجوز(7) أن يُعْمِلَ جوارحه في غير الصَّلاة، ومَسْحُ الحَصَا ليس من الصَّلاة فلا ينبغي له ذلك، ولا أن يأخذ شيئًا، ولا أن يضعه، فإن فعل لم تنتقض صلاته، ولا سهو عليه.


[1] في (ي): ((الحصى)).
[2] صورتها في (ز): ((قائل)).
[3] في المطبوع و(ص): ((وروي)).
[4] زاد في (م): ((بلغني)).
[5] في (م): ((الكوفيين وعن)).
[6] قوله: ((وروى مالكٌ عن يحيى بنِ سَعِيدٍ قال: إنَّ أبا ذرٍّ كان يقول: مَسْحُ الحَصَا مَرَّةً واحدةً، وتركُها خيرٌ من حُمْر النَّعَم. وهو قول الأوزاعيِّ والكوفيين، ورُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ)) ليس في (ص). وبدله: ((وروي قول مالك عن أبي عمر)).
[7] في (م): ((يجب)).