شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط

          ░15▒ باب: الشُّرُوطِ في الْجِهَادِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَكِتَابَةِ الشُّرُوطِ مَعَ النَّاس بِالقَولِ
          فيه: الْمِسْوَرُ وَمَرْوَانُ: (خَرَجَ النَّبيُّ صلعم زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبيُّ صلعم: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ في خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ، فَوَاللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ(1) الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبيُّ صلعم حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ التي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ، فَأَلَحَّتْ. فَقَالُوا: خَلأتِ الْقَصْوَاءُ، خَلأتِ الْقَصْوَاءُ، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: مَا خَلأتِ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ، ثُمَّ قَالَ: والذي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ. قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ(2) على ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ، وَشُكِيَ إلى رَسُولِ اللهِ صلعم الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ في نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللهِ صلعم مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ َمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ إِنْ شَاؤُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأقَاتِلَنَّهُمْ على أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ، قَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا قَالَ: إِنَّا جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا(3)، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبيُّ صلعم، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أي قَوْمِ، أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى(4)، قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِي؟ قَالُوا: لا، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ عليَكُمْ(5) خُطَّةَ رُشْدٍ اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِيهِ، فقَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلعم، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أي مُحَمَّدُ، أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وَإِنْ تَكُنِ الأخْرَى فَإِنِّي وَاللهِ لأرَى وُجُوهًا، وَإِنِّي لأرَى أَْشَوابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ☺: امْصُصْ ِبَظْرَ اللاتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟! فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا(6): أَبُو بَكْرٍ، فقَالَ: أَمَا والذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا، قَالَ: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلعم، فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ على رَأْسِ النَّبيِّ صلعم وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إلى لِحْيَةِ النَّبيِّ صلعم ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ وَقَالَ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللهِ صلعم، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أي غُدَرُ، / أَلَسْتُ أَسْعَى في غَدْرَتِكَ؟ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا في الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: أَمَّا الإسْلامَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ في شَيْءٍ، ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبيِّ صلعم بِعَيْنَيْهِ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللهِ صلعم نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ على وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَوا خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، ومَا(7) يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إلى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أي قَوْمِ، وَاللهِ(8) لَقَدْ وَفَدْتُ على الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ على قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَاللهِ إِنْ يتَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ على وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ على النَّبيِّ صلعم وَأَصْحَابِهِ فقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: هَذَا فُلانٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ، فَابْعَثُوهَا لَهُ، فَبُعِثَتْ لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إلى أَصْحَابِهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ(9)، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ، فَقَالَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبيُّ صلعم: هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلعم فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو.
          وَقَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ قَالَ النَّبيُّ صلعم(10): قَدْ سَهُلَ لَكُمْ، فقَالَ سُهَيْلُ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبيُّ صلعم الْكَاتِبَ فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: ╖، قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللهِ لا نَكْتُبُهَا إِلَّا: ╖، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ(11)، ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلعم، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ.
          قَالَ الزُّهرِيُّ: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلعم: على أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللهِ لا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَ على أَنَّهُ لا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ على دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، قَالَ الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللهِ! كَيْفَ ترُدُّ على الْمُشْرِكِينَ مَنْ قَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟! فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ في قُيُودِهِ، قَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: إِنَّا لَمْ نَفْضَّ الْكِتَابَ بَعْدُ، قَالَ: فَوَاللهِ إِذًا لا أُصَالِحْكَ على شَيْءٍ أَبَدًا، قَالَ النَّبيُّ صلعم: فَأَجِزْهُ لي، قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِ ذلَكَ، قَالَ: بَلَى فَافْعَلْ، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أي مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُرَدُّ إلى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟! وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا في اللهِ، قَالَ(12): فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صلعم فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا على الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا على الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِ الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ(13) كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّك تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا على الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا على الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِ الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ / وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللهِ إِنَّهُ على الْحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ. قَالَ الزُّهرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا، قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا(14)، قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ على أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ(15)، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ(16) ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ(17)، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ ╡: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}(18)[الممتحنة:10]، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ في الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أبي سُفْيَانَ وَالأخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبيُّ صلعم إلى الْمَدِينَةِ(19) فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ، رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَأَرْسَلُوا في طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: الْعَهْدَ الذي جَعَلْتَ(20) لَنَا، فَدَفَعَهُ إلى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَاالْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللهِ إِنِّي لأرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ، فَقَالَ: أَجَلْ إِنَّهُ وَاللهِ لَجَيِّدٌ لَقَدْ(21) جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَر حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ حِينَ رَآهُ: لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا، فَلَمَّا انْتَهَى إلى النَّبيِّ صلعم قَالَ: قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، قَدْ وَاللهِ أَوْفَى اللهُ ذِمَّتَكَ قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللهُ مِنْهُمْ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ، قَالَ: وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ، فَلَحِقَ بأبي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بأبي بَصِيرٍ حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلى الشَّأْمِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النَّبيِّ صلعم تُنَاشِدُهُ اللهَ وَالرَّحِمَ؛ لَما أَرْسَلَ فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبيُّ صلعم إِلَيْهِمْ فَأَنْزَلَ اللهُ ╡: {وَهُوَ الذي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ}[الفتح:24]حَتَّى بَلَغَ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}(22)[الفتح:26]وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِـ ╖، وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ.
          فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ(23) كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ(24)، وَبَلَغْنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ ╡ أَنْ يَرُدُّوا إلى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا على مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَحَكَمَ على الْمُسْلِمِينَ أَنْ لا يُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ: قَرِيبَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأخْرَى أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أبى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ على أَزْوَاجِهِمْ، أَنْزَلَ اللهُ ╡: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إلى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ}[الممتحنة:11]وَالْعَقْبُ: مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إلى مَنْ هَاجَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّاتِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِيَّ قَدِمَ على النَّبيِّ صلعم مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا، فَكَتَبَ الأخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبيِّ صلعم يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ)، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. [خ¦2731] [خ¦2732]
          قال المؤلِّف: في هذا الحديث من الفقه جواز صلح المشركين ومهادنتهم دون مالٍ يؤخذ منهم إذا رأى لذلك الإمام وجهًا.
          وفيه: كتاب الشروط التي تنعقد بين المسلمين والمشركين والإشهاد عليها؛ ليكون ذلك شاهدًا على من رام نقض ذلك والرجوع فيه.
          قال المُهَلَّب: وفيه من الفقه: الاستتار عن طلائع المشركين ومفاجأتهم بالجيش وطلب غرَّتهم إذا بلغتهم الدعوة.
          وفيه: جواز التنكيب / عن(25) الطريق بالجيوش وإن كان في ذلك مشقَّةٌ.
          وفيه: بركة التيامن في الأمور كلِّها.
          وقوله صلعم في الناقة: (مَا خَلَأَتْ وَمَا هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ) فالخلأ في النوق مثل الحران في الخيل.
          وفيه: دليلٌ على أنَّ الأخلاق المعروفة(26) من الحيوان كلَّها يحكم بها على الطارئ الشاذِّ منها، وكذلك في الناس إذا نسب إنسانٌ إلى غير خلقه المعلوم في هفوةٍ كانت منه لم يحكم بها.
          وفيه: أنَّ ما عرض للسلطان وقوَّاد الجيوش وجميع الناس ممَّا هو خارجٌ عن العادة يجب عليهم أن يتأمَّلوه وينظروا شبهه في قضاء الله في الأمم الخالية فيتمثلوا صواب الخير فيه، ويعلموا أنَّ ذلك مثلٌ ضُرِب لهم ونُبِّهوا عليه، كما امتثله رسول الله صلعم في أمر(27) ناقته وبروكها بقصَّة الفيل؛ لأنَّها كانت إذا وُجِّهت إلى مكَّة بركت وإذا صُرِفت عنها مشت، كما دار للفيل، وهذا خارجٌ عن العادة، فعلم أنَّ الله تعالى صرفه(28) عن مكَّة كما صرف الفيل، ولذلك قال ◙: (وَاللهِ لَا يَسأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إلَّا أَعطَيتُهُم إيَّاها) يريد بذلك موافقة الله ╡ في تعظيم الحرمات؛ لأنَّه فهم عن الله إبلاغ الأعذار إلى أهل مكَّة فأبقى عليهم لما كان سبق لهم في علمه أنَّهم سيدخلون في دين الله أفواجًا.
          وفيه: علامات النبوَّة، وبركة النبيِّ صلعم، وبركة السلاح المحمولة في سبيل الله، ونبع الماء من السهم، وإنَّما(29) قدم النبيُّ صلعم إلى مكَّة غير مستأمنٍ ممَّا كان بينه وبين أهل مكَّة من الحرب والمناصبة والعداوة ولا(30) أخذ إذنهم في ذلك؛ لأنَّه جرى على العادة من أنَّ مكَّة غير ممنوعةٍ من الحجَّاج والمعتمرين، فلمَّا علم الله تعالى أنَّهم صادُّوه ومقاتلوه حبس الناقة عن مكَّة كما حبس الفيل تنبيهًا له على الإبقاء عليهم.
          وقوله: (إِنَّ قُرَيشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الحَربُ) على وجه بذل النصيحة للقرابة التي كانت بينهم، فقال لهم: (إِنْ شِئتُمْ مَادَدْتُكُم) أي: صالحتكم مدَّةً تستجمُّون فيها إن أردتم القتال وتدعوني مع الناس _يعني: طوائف العرب_ فإن ظهرت عليهم دخلتم فيما دخلوا فيه، وإنَّما نصحهم النَّبيُّ صلعم لما فهم عن الله ╡ في حبس الناقة أنَّهم سيدخلون في الإسلام، فأراد أن يجعل بينهم مدَّةً يقلِّب الله تعالى فيها قلوبهم، وفي لين قول بديلٍ وعروة لقريشٍ دليلٌ على أنَّهم كانوا أهل إصغاءٍ إلى النبيِّ صلعم وميلٍ إليه كما قال في الحديث.
          وقول عروة للنَّبيِّ صلعم: (أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَكَ)، دليلٌ على أنَّ النبيَّ صلعم كان يومئذٍ في جمعٍ يخاف منه عروة على أهل مكَّة الاستئصال لو قاتلهم، وخوف عروة إن دارت الدائرة في الحرب عليه صلعم أن يفرَّ عنه من تبعه من أخلاط الناس؛ لأنَّ القبائل إذا كانت متميِّزةً لم يفرَّ بعضها عن بعض حتَّى إذا كانت(31) أخلاطًا فرَّ كلُّ واحدٍ ولم ير على نفسه عارًا، والقبيلة بأصلها ترى العار وتخافه، ولم يعلم عروة أنَّ الذي عقده الله تعالى بين قلوب المؤمنين من محض الإيمان فوق ما تعتقده القرابات لقراباتهم؛ فلذلك قال له أبو بكر: (امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ) وهكذا يجب أن يجاوب من جفا على سروات الناس وأفاضلهم ورماهم بالفرار.
          وقوله: (لَمْ أَجْزِكَ بِهَا)، يدلُّ(32) أن الأيادي تجب على أهل الوفاء مجازاتها والمعاوضة عليها.
          وقوله: (فَكُلَّمَا أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ) يعني: على ما جرت به عادة العرب عند مخاطبتها لرؤسائها فإنَّهم يمسُّون لحاهم ويصافحونهم، يريدون التحبُّب إليهم والتبرُّك بتناولهم، وقد حكي عن بعض العجم أنَّهم يفعلون ذلك أيضًا، فلمَّا أكثر عروة من فعله ذلك(33) رأى المغيرة أنَّ منزلة النبوَّة مباينةٌ لمنازل الناس، وأنَّها لا تحتمل هذا العمل لما يلزم من توقير النبيِّ صلعم وإجلاله.
          وفيه من الفقه: أنَّ من جالس إمامًا فرأى أحدًا جفا عليه أنَّه يلزمه تغيير ذلك / ويصون الإمام عن الكلام فيه.
          وفيه: جواز قيام الناس على رأس الإمام بالسيوف إذا كان ذلك ترهيبًا للعدوِّ ومخافة الغدر.
          وقوله: (أَلَستُ أَسعَى فِي غَدرَتِكَ)، يريد أنَّ عروة كان يصلح على قوم المغيرة ويمنع منهم أهل القتيل الذي قتله المغيرة؛ لأنَّ أهل المغيرة بقوا بعده في دار الكفر.
          وقول النبيِّ صلعم: (أَمَّا المَالُ فَلَستُ مِنهُ فِي شَيءٍ) يعني: في حلٍّ؛ لأنَّه علم أنَّ أصله غصبٌ، وأموال المشركين وإن كانت مغنومةً عند القهر فلا يحلُّ أخذها عند الأمن، وإذا كان الإنسان مصاحبًا لهم فقد أمن كلُّ واحدٍ منهم صاحبه، فسفك الدماء وأخذ المال عند ذلك غدرٌ، والغدر بالكفَّار وغيرهم محظورٌ.
          وتدلُّكهم بنخامته ◙ على وجه التبرُّك ورجاء نفعها في أعضائهم.
          وفيه: طهارة النخامة بخلاف من جعلها تنجس الماء، وإنَّما أكثروا من ذلك بحضرة عروة، وتزاحموه عليه؛ لأجل قوله: (إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا وَأَشوَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا عَنكَ وَيَدَعُوكَ) فأروه أنَّهم أشدُّ اغتباطًا وتبرُّكًا بأمره، وتثبُّتًا في نصرته من القبائل التي تراعي الرحم بينهم.
          وأمر النبيِّ صلعم بإقامة البدن للرجل من أجل علمه بتعظيمه لها؛ ليخبر بذلك قومه، فيخلُّوا بينه وبين البيت.
          وفيه التفاؤل من الاسم وغيره(34).
          وقول سهيلٍ: (مَا نَعرِفُ الرَّحمَنَ)، فإنَّ العرب الله قد أخبر عنهم بذلك في كتابه {قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ}[الفرقان:60]وفي يمين المسلمين: (وَاللهِ لَا نَكْتُبُ إِلَّا بسم الله الرحمن الرحيم)، فيه من الفقه أنَّ أصحاب السلطان يجب عليهم مراعاة أمره وعونه وعزَّة الباري ╡ التي بها عزَّة(35) السلطان.
          وترك النبيِّ صلعم إبرار قسمهم، وقد أمر(36) بإبرار القسم، إنَّما هو مندوبٌ إليه فيما يحسن ويجمل، وأمَّا من حلف عليه في أمرٍ لا يحسن في دينٍ ولا مروءةٍ فلا يجيب إليه كما لم يجب النبيُّ صلعم إلى ما حلف عليه أصحابه؛ لأنَّه كان يؤول إلى انخرام المقاضاة والصلح مع أنَّ(37) ما دعا إليه سهيلٌ لم يكن إلحادًا في أسمائه تعالى، وكذلك ما أباه سهيلٌ من كتابة محمَّدٍ رسول الله ليس فيه إلحادٌ في الرسالة، فلذلك أجابه ◙ إلى ما دعا(38) إليه مع أنَّه لم يأنف سهيلٌ من هذا، إلَّا أنَّه كان مساق العقد عن أهل مكَّة، وقد جاء في بعض الطرق هذا ما قاضى عليه أهل مكَّة رسول الله(39)، فخشي أن ينعقد في مقالهم الإقرار برسالته.
          وقوله في هذا الحديث: (وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ)، يدلُّ أنَّ المقاضاة إنَّما انعقدت على الرجال دون النساء، فليس فيه نسخ حكم النساء على هذه الرواية؛ لأنَّ النساء لم يردَّهنَّ النبيُّ صلعم كما ردَّ الرجال من أجل أنَّ الشرط إنَّما وقع بردِّ الرجال خاصَّةً(40)، ثمَّ نزلت الآية في أمر النساء حين هاجرن إلى النبيِّ صلعم مثبتةً(41) لما تقدَّم من حكم ذلك، وقد تقدَّم هذا المعنى في أوَّل كتاب الشروط(42). [خ¦2711]
          وقول النبيِّ صلعم لسهيلٍ: (إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكتَابَ بَعدُ) أراد أن يخلِّص أبا جندلٍ وقد كان تمَّ الصلح بالكلام والعقد قبل أن يكتب.
          وفيه: أنَّ من صالح وعاقد(43) على شيءٍ بالكلام ثمَّ لم يوف له به أنَّه بالخيار في النقض.
          وأمَّا قول عمر وما قرَّر عليه رسول الله صلعم من أنَّهم على الحقِّ ولم نعط الدنية في ديننا: أي: نردُّ من استجار بنا من المسلمين إلى المشركين فقال له: (إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَستُ أَعصِيهِ(44)) تنبيهًا لعمر أنِّي إنَّما أفعل هذا من أجل ما أطلعني الله تعالى عليه بحبس الناقة عن أهل مكَّة ممَّا في غيبه لهم من الإبلاغ في الإعذار إليهم، ولست أفعل ذلك برأي، إنَّما أفعله بوحيٍ من الله ╡ لقوله: (وَلَستُ أَعصِيهِ).
          وفيه: جواز المعارضة في العلم حتَّى تتبيَّن المعاني.
          وفيه: أنَّ الكلام محمولٌ على العموم حتَّى يقوم عليه دليل الخصوص، ألا ترى أنَّ عمر حمل كلامه صلعم على الخصوص(45)؛ لأنَّه طالبه بدخول البيت في ذلك / العام فأخبره صلعم أنَّه لم يعده بذلك(46) في ذلك العام، بل وعده(47) وعدًا مطلقًا في الدهر حتَّى وقع، فدلَّ أنَّ الكلام محمولٌ على العموم حتَّى يأتي دليل الخصوص.
          وفي قوله صلعم: (فَإِنَّكَ آتِيهِ)يدلُّ أنَّه(48) من حلف على فعلٍ ولم يوقِّت وقتًا أنَّ وقته أيَّام حياته. قال ابن المنذر: فإن حلف بالطلاق ليفعلنَّ كذا إلى وقتٍ غير معلومٍ. فقالت طائفةٌ: لا يطأها حتَّى يفعل الذي حلف عليه فأيُّهما مات لم يرثه صاحبه. هذا قول سعيد بن المسيِّب والحسن(49) والشَّعبيِّ والنخعيِّ وأبي عبيدٍ(50).
          وقالت طائفةٌ: إن مات ورثته، وله وطؤها. روي هذا عن عطاءٍ، وقال يحيى بن سعيدٍ: ترثه إن مات. وقال مالكٌ: إن ماتت امرأته يرثها. وقال الثوريُّ: إنَّما يقع الحنث بعد الموت، وبه قال أبو ثورٍ. وقال أبو ثورٍ أيضًا: إذا حلف ولم يوقِّت فهو على يمينه حتَّى يموت، ولا يقع حنثٌ بعد الموت، فإذا مات لم يكن على شيءٍ. قال ابن المنذر: وهذا النظر.
          وقالت طائفةٌ: يضرب لهما أجل المؤلِّي أربعة أشهرٍ. روي هذا عن القاسم وسالمٍ، وهو قول ربيعة ومالكٍ والأوزاعيِّ.
          وقال أبو حنيفة: إن قال: أنت طالقٌ ثلاثًا إن لم آت البصرة. فماتت امرأته قبل أن يأتي البصرة فله الميراث ولا يضرُّه ألَّا يأتي البصرة بعد؛ لأنَّ امرأته ماتت قبل أن يحنث، ولو مات قبلها حنث وكان لها الميراث؛ لأنَّه فارٌّ؛ ولأنَّ الطلاق إنَّما وقع عليها قبل أن يموت بقليلٍ فلها الميراث، ولو قال: أنت طالقٌ إن لم تأت البصرة أنت فماتت فليس له منها ميراثٌ، وإن مات قبلها فلها الميراث ولا يضرُّها ألَّا تأتي البصرة.
          وفيه قولٌ سادسٌ حكاه أبو عبيدٍ عن بعض أهل النظر قال: إن أخذ الحالف في التأهُّب لما حلف عليه والسعي فيه حين تكلَّم باليمين حتَّى يكون متَّصلًا بالبرِّ وإلَّا فهو حانثٌ عند ترك ذلك.
          قال ابن المنذر: في هذا الحديث دليلٌ أنَّه من لم يحدَّ ليمينه أجلًا أنَّه على يمينه ولا يحنث إن وقف عن الفعل الذي حلف يفعله.
          قال المُهَلَّب: وقول عمر: (فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعمَالًا) يعني أنَّه كان يحضُّ الناس على ألَّا يعطوا الدنيَّة في دينهم بإجابة سهيلٍ إلى ردِّ أبي جندلٍ إليهم، ويدلُّ(51) على ذلك إتيانه أبا بكر وقوله له مثل ذلك.
          وفيه: فضل علم أبي بكر الصِّدِّيق ☺ وجودة ذهنه، وحسن قريحته، وقوَّة نفسه؛ لأنَّه أجاب عمر بمثل ما أجابه به النبيُّ صلعم حرفًا حرفًا.
          وأمَّا توقُّف أصحاب النبيِّ صلعم عن النحر والحلق فلمخالفتهم العادة التي كانوا عليها ألَّا ينحر أحدٌ حتَّى يبلغ الهدى محلَّه، ولا يحلق إلَّا بعد الطواف والسعي، حتَّى شاور النبيُّ صلعم أمَّ سلمة فأراه الله تعالى بركة المشورة، ففعل ما قالت، فاقتدى به أصحابه صلعم، فكذلك(52) لو فعل رسول الله صلعم في حجَّة الوداع ما أمر به أصحابه من الحلاق والحلِّ ما اختلف عليه اثنان، ففي هذه من الفقه أنَّ الفعل أقوى من القول.
          وفيه: جواز مشاورة النساء ذوات الفضل والرأي.
          وأمَّا إسلام النبيِّ صلعم لأبي بصيرٍ وأصاحبه إلى رسل(53) مكَّة فهو على ما انعقد في الرجال، وأمَّا قتل أبي بصيرٍ لأحد الرسل بعد أن أسلمه إليهم النبيُّ صلعم فليس على النبيِّ صلعم حراسة المشركين ممَّن يدفعه إليهم، ولا عليه القوَد ممَّن قَتل في الله وجاهد؛ لأنَّ هذا لم يكن من شرطه، ولا طالب أولياء القتيل النبيَّ صلعم بالقود من أبي بصيرٍ.
          وقول أبي بصيرٍ للنبيِّ صلعم: (قَدْ أَوفَى اللهُ ذِمَّتَكَ) يعني: أنَّك قد رددتني إليهم كما شرطت لهم، فلا تردَّني الثانية، فلم يرض النبيُّ صلعم إلَّا بما لا شكَّ فيه من الوفاء، فسكت عنه النبيُّ صلعم ونبَّهه على ما ينجو به من كفَّار قريش بتعريضٍ عرَّض له به وذلك قوله: (لَو كَانَ لَهُ(54) أَحَدٌ) يعني: من ينصره ويمنعه، ففهمها أبو بصيرٍ، وخرج إلى سيف البحر، وجعل يطلب غرَّة أهل مكَّة، وآذاهم حتَّى لحق به أبو جندلٍ وجماعةٌ، فرضي / المشركون بحلِّ هذا الشرط وأن يكفيهم النبيُّ صلعم نكايته، ويكفَّ عنهم عاديته.
          وأمَّا قوله: ما كانوا يؤدُّونه إلى المشركين عوضًا ممَّا أنفقوا على أزواجهم المهاجرات في ذلك الصلح، فهو منسوخٌ، عن الشَّعبيِّ وعطاءٍ ومجاهدٍ.
          ذكر ما في هذا الحديث(55) من غريب اللغة:
          قوله: (فَإِذَا هُم بِقَتَرَةِ الجَيشِ) قال صاحب «العين»: القترة والقتر: الغبار.
          وقولهم للناقة: (حَلْ حَلْ) يقال: حلحلت الإبل: إذا قلت لها: حل حل. زجرتها بذلك.
          والخلأ في الإبل كالحران في الخيل، وقد تقدَّم.
          و(القَصْوَاء): اسم ناقة النبيِّ صلعم. والثَمَد: الماء القليل، عن صاحب «العين».
          والتبرُّض: جمع الماء باليدين. قال صاحب «العين»: ماء برضٌ: قليلٌ. وتبرَّض الماء: جمع البرض منه ونزحه. يقال: نزحت البئر: نقص ماؤها. وبئر نزوح: قليلة الماء. عن صاحب «العين».
          وقوله: (أَعْدَادَ مِيَاهِ الحُدَيبِيَةِ) جمع عدِّ، والعدُّ مجتمع الماء.
          و(العُوذُ): النوق الحديثات العهد بالنتاج، واحدتها عائذٌ.
          و(المَطَافِيلُ): التي معها أولادها.
          و(مَادَدْتُهُمْ): جعلت بيني وبينهم مدَّةً للصلح.
          وقوله: (جَمُّوا) يعني: استراحوا وقووا. يقال: جمَّ الفرس وأجمَّ، إذا ترك ولم يركب ولم يتعب.
          وقوله: (حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي) أي: حتَّى أنفرد في قتالهم وحدي.
          وقولهم: (بَلَّحُوا)قال صاحب «العين»: يقال أبلح البعير والدابَّة بلوحًا: إذا أعيا، وبلَّح الغريم: أفلس.
          والأشواب: الأخلاط من الناس.
          وقوله: (يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ) والرسف: مشية المقيَّد. والحجل مثله، من كتاب «العين». ويروى: يحجل(56) في قيوده. وقد تقدَّم في باب الصلح مع المشركين(57) في كتاب الصلح. [خ¦2700]
          وأما قوله: (وَيلَ أُمِّهِ مِسعِرَ حَربٍ) فإعرابه ويل أمِّه من(58) مسعر حربٍ فانتصب على التمييز. وقالت الخنساء:
وَيْلُمِّهِ مِسعَرَ حَربٍ(59)                      إِذَا أُلقِيَ(60) فِيها وَعَليهِ الشَّلِيلُ(61)
          وقال جماعةٌ من أهل اللغة: والمعنى أنَّ الخنساء لم ترد الدعاء بإيقاع الهلكة عليها(62) لكنَّها أرادت ما من عادة العرب استعماله من نقلها الألفاظ الموضوعة في بابها إلى غيره، ومرادها بقولها هذا المدح لأمِّها وأخيها لولادتها مثل أخيها في بسالته وشجاعته دون الدعاء عليها بالويل الذي معناه الهلكة، كما يقال: انج ثكلتك أمُّك وتربت يداك، من غير إرادة مقتضى هاتين اللفظتين بالمخاطب.
          وقوله: (اسْتَمسِكْ بِغَرزِهِ) قال ثابتٌ: أي تمسَّك به واتَّبعه. والغَرز لقتب البعير مثل ركاب السرج للدابَّة.


[1] في (ص): ((بغبرة)).
[2] زاد في (ص): ((حتى نزل)).
[3] قوله: ((فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا قَالَ: إِنَّا جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلا)) ليس في (ص).
[4] قوله: ((قَالَ: أَلَسْت بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((لكم)).
[6] في (ص): ((قال)).
[7] في (ص): ((ما)).
[8] قوله: ((والله)) ليس في (ص).
[9] قوله: ((فَلَمَّا رَجَعَ إلى أَصْحَابِهِ قَالَ:.... أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ)) ليس في (ص).
[10] قوله: ((وَقَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي..... قَالَ النبي صلعم)) ليس في (ص).
[11] قوله: ((فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللهِ لا نَكْتُبُهَا اللهِ.... بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ)) ليس في (ص).
[12] قوله: ((قال)) ليس في (ص).
[13] في (ص): ((ألست)).
[14] في (ص): ((واحلقوا)).
[15] زاد في (ص): ((من الناس)).
[16] في (ص): ((فاخرج)).
[17] قوله: ((بدنك)) ليس في (ص).
[18] قوله: ((حتى بلغ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ})) ليس في (ص). ومكانها: ((الآية)).
[19] قوله: ((وَالأخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النبي صلعم إلى الْمَدِينَة)) ليس في (ص).
[20] في (ص): ((جعلته)).
[21] في (ص): ((ولقد)). وقوله بعدها: ((ثُمَّ جَرَّبْتُ)) ليس في (ص).
[22] في (ص): (({.... وأيديكم عنهم ببطن مكة} إلى {الجاهلية})).
[23] قوله: ((وَلَمْ يُقِرُّوا بِـ بِسْم اللهِ.... أَنَّ نبيَ اللهِ)) ليس في (ص).
[24] في (ص): ((يمتحنهم)).
[25] في (ص): ((على)).
[26] قوله: ((المعروفة)) ليس في (ص).
[27] في (ص): ((بأمر)).
[28] في (ص): ((صرفه)).
[29] في (ص): ((فإنما)).
[30] في (ص): ((وإلا)).
[31] قوله: ((متميزة لم يفر بعضها عن بعض حتى إذا كانت)) ليس في (ص).
[32] زاد في (ص): ((على)).
[33] قوله: ((ذلك)) ليس في (ص).
[34] قوله: ((وفيه التفاؤل من الاسم وغيره)) زيادة من (ص).
[35] في (ص): ((عز)).
[36] في (ص): ((أمرنا)).
[37] قوله: ((أن)) زيادة من (ص).
[38] في (ص): ((دعاه)).
[39] في (ص): ((رسول الله أهل مكة)).
[40] في (ص): ((خاصًا)).
[41] في (ص): ((مبينة)).
[42] قوله: ((وقد تقدم هذا المعنى في أول كتاب الشروط)) ليس في (ص).
[43] في (ص): ((صالح وعاقد)).
[44] في (ص): ((أغضبه)) وكذا في الموضع بعده.
[45] قوله: ((ألا ترى أن عمر حمل كلامه صلعم على الخصوص)) ليس في (ص).
[46] في (ص): ((لم يعد به)).
[47] قوله: ((وعده)) ليس في (ص).
[48] في (ص): ((أن)).
[49] زاد في (ص): ((البصري)).
[50] في (ص): ((وأبي عبيدة)).
[51] في (ص): ((يدل)).
[52] في (ص): ((وكذلك)).
[53] في (ص): ((الرسل)). وقوله: ((مكة فهو على)) ليس فيها.
[54] قوله: ((له)) ليس في (ص).
[55] في (ص): ((الباب)).
[56] في (ص): ((يجلجل)).
[57] قوله: ((في باب الصلح مع المشركين)) ليس في (ص).
[58] قوله: ((من)) زيادة من (ص).
[59] قوله: ((فانتصب على التمييز. وقالت الخنساء: ~ ويلمه مسعر حرب)) زيادة من (ص).
[60] في (الملف)و(ص): ((التقى)).
[61] في (ص): ((السيل)).
[62] في (ص): ((عليهم)).