شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قسمة الإمام ما يقدم عليه ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه

          ░11▒ باب قِسْمَةِ الإمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ
          فيه: الْمِسْورُ: (أُهْدِيَتْ للنَّبِيِّ صلعم أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا في نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ، فَجَاءَ مَخْرَمَةَ إلى النَّبيِّ صلعم فَسَمِعَ صَوْتَه، فَأَخَذَ قَبَاءً فَتَلَقَّاهُ بِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْمِسْوَرِ، خَبَأْتُ لَكَ هَذَا _مرَّتين_ وَكَانَ في خُلُقِهِ شِدَّةٌ). [خ¦3127]
          قال المؤلِّف: ما أهدي للنَّبيِّ صلعم من هدايا المشركين فحلالٌ له أخذه؛ لأنَّه مخصوصٌ بما أفاء الله عليه من غير قتالٍ من أموال الكفَّار، ويكون له دون سائر النَّاس، وله أن يؤثر به من شاء، ويمنع منه من شاء، كما يفعل بالفيء، ولذلك خبَّأ القباء لمخرمة، ومن بعده من الخلفاء بخلافه في ذلك لا يكون له خاصَّةً دون المسلمين؛ لأنَّه إنَّما أهدي إليه لأنَّه أميرهم، ويأتي القول في هدايا المشركين في باب: الهبة إن شاء الله. [خ¦2515] [خ¦2618]
          وفيه ما كان عليه النَّبيُّ صلعم من كريم الخلق ولين الكلمة، والتَّواضع، ألا ترى أنَّه استقبل مَخرمَة بأزرار القباء، وكنَّاه مرَّتين وألطف له في القول، وأراه إيثاره واعتناءه به في مغيبه؛ لقوله صلعم: (خَبَّأتُ لَكَ هَذا) لما علم من شدَّة خلقه، فترضَّاه بذلك، فينبغي الاقتداء به في فعله صلعم.