شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: أداء الخمس من الدين

          ░2▒ باب: أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الدِّين
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ وبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، ولَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا في الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُ بِهِ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، فقَالَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الإيمَانِ بِاللهِ وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَعَقَدَها بِيَدِهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ: الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ). [خ¦3095]
          قال المُهَلَّب: قد تقدَّم هذا الباب في كتاب الإيمان وترجم له: باب أداء الخمس من الإيمان، [خ¦53] وذلك بيِّنٌ؛ لأنَّه صلعم أمرهم بأربعٍ فبدأ بالإيمان بالله وختم بأن تؤدُّوا إلى الله الخمس، فدخل ذلك في جملة الإيمان، وإنَّما لم يأمرهم بالحجِّ؛ لأنَّه لم يكن نزل حينئذٍ فرض الحجِّ، وأمرهم بأداء الخمس؛ لأنَّه لا يكون الخمس إلَّا من جهادٍ، وأمرهم بالجهاد داخلٌ في أمرهم بالخمس، وإنَّما قصد إلى أداء الخمس؛ لأنَّ كلَّ من بايع لم يبايع إلَّا على الجهاد، وكان عبد القيس أهل غاراتٍ، ولم يعرفوا أن يؤدُّوا منها شيئًا؛ لأنَّهم كانوا من فُتَّاك العرب، فقصد لهم صلعم إلى إنهاء ما كانوا عليه من الباطل فذمَّه لهم، ونهاهم عن أشياء كلُّها في معنى الانتباذ؛ لأنَّهم كانوا كثيرًا يفعلونه، فقصد لهم إلى الظُّروف التي كانوا يتذرَّعون فيها إلى السُّكر لإسراع النَّبيذ إلى السُّكر فيها، ونسخ ذلك صلعم بعد هذا لمَّا أمن منهم التَّذرُّع إلى الدُّبَّاء والمزفَّت على ما يأتي في كتاب الأشربة إن شاء الله. [خ¦5592] [خ¦5593] [خ¦5594] [خ¦5595] [خ¦5596]
          قوله: (وَلَسنَا نَصِلُ إِلَيكَ إلَّا فِي الشَّهرِ الحَراَمِ) إنَّما قال ذلك لأنَّ كفَّار العرب كانوا لا يقاتلون في الأشهر الحرم، ولا يحملون السِّلاح فيها.