عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها
  
              

          ░25▒ (ص) بابُ الْغُرْفَةِ وَالْعِلِّيَّةِ الْمُشْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمُشْرِفَةِ فِي السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان جواز استعمال الغُرْفَة؛ بِضَمِّ الغين المُعْجَمة وسكون الراء وفتح الفاء، قال الجَوْهَريُّ: الغُرْفَةُ: العِلِّيَّةُ، والجمع غُرُفاتٌ وغُرَفاتٌ وغُرْفاتٌ وغُرَفٌ.
          قوله: (وَالْعُِلِّيَّةِ) بكسر العين المُهْمَلة وضمِّها، وكسر اللام المشددة وبالياء آخر الحروف المشدَّدة، وهي الغرفة على تفسير الجَوْهَريِّ؛ لأنَّه فسَّر الغرفة بالعُلِّيَّة في (باب الغرف)، ثُمَّ فسَّر العلِّيَّة بالغرفة في (باب علا)، ثُمَّ قال: والجمع «العلالي»، وقال: وهي (فُعِّيلَة) مثل (مُزِّيقَة) وأصلها: (عُلِّيوَة) فأُبدِلَت الواو ياءً وادَّغمَت، وهي مِن (عَلَوْتُ)، وقال بعضهم: هي العِلِّيَّة؛ بالكسر على «فِعِّيلة»، وبعضهم يجعلُها مِن المضاعف، ووزنها «فِعْليَّة»، قال: وليس في الكلام «فُعِّيلة» انتهى كلامُه، واعتُرِضَ عليه في قوله: (وبعضهم يجعلها مِنَ المضاعف ووزنها «فِعليَّة») بأنَّه لا يصحُّ؛ لأنَّ (العلِّيَّة) مِن (ع ل و)، وليست مِن (ع ل ل)، وقوله: (ليس في الكلام فُعِّيلة) سهوٌ؛ لأنَّه قد ذَكَرَ (مُزِّيقة) وإذا كان كذلك يكون عطف (العلِّيَّة) على (الغرفة) عطفًا تفسيريًّا.
          قوله: (الْمُشْرِفَةِ) بِضَمِّ الميم وسكون الشين المُعْجَمة، مِنَ الإشراف على الشيء؛ وهو الاطِّلاع عليه.
          قوله: (فِي السُّطُوحِ) أي: سواءٌ كانت العلِّيَّة المُشرفة على مكانٍ أو غير المشرفة، كائنة على سطحٍ أو منفردةً قائمةً مرتفعة مِن غير أن تكون على سطحٍ، فيُفهَم مِن كلامه أنَّها على أربعة أقسام؛ الأَوَّل: علِّيِّة مُشرفة على مكانِ على سطح، الثاني: مُشرفة على مكان على غير سطحٍ، الثالث: غير مشرفة على مكان على سطحٍ، الرابع: غير مُشرفة على مكانٍ على غير سطح، وقال ابن بَطَّالٍ: الغرفة على السطوح مباحةٌ ما لم يطَّلع منها على حُرمة أحدٍ.
          قُلْت: الذي ذكره هي العليَّة على السطح غير المُشرفة، فيفهم منه أنَّها إذا كانت مُشرفةً على مكان فهي غير مباحة، وكذلك إذا كانت على غير سطحٍ، وكانت مُشرفة، ولم أر أحدًا مِن شرَّاح البُخَاريِّ حقَّق هذا الموضع.