عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض
  
              

          ░25▒ (ص) بَابُ الصُّفْرَةِ وَالكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الحَيْضِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان الصفرة والكدرة اللَّتين تراهما المرأةُ في غير أيَّام حيضها؛ يعني: لا يكون حيضًا، وألوان الدَّم ستَّةٌ: السَّواد، والحُمْرة، والصُّفرة، والكدرة، والخُضرة، والتُّرْبِيَّة، أَمَّا (الحُمْرِةُ) فهو اللَّون الأصليُّ للدم إلَّا عند غلبة السوداء يضربُ إلى السواد، وعند غلبةِ الصفراءِ يضرب إلى الصُّفرة، ويتبيَّن ذلك لمن افْتَصَد.
          وأَمَّا (الصُّفْرَةُ) فهي مِن ألوان الدم إذا رقَّ، وقيل: هي كصفرةِ البيضِ أو كصفرة القزِّ، وفي «فتاوى قاضيخان»: الصفرةُ تكون كلون القزِّ، أو لون البُسرِ، أو لون التِّبن، فالسواد والحمرة والصفرة حيضٌ، والمنقول عن الشَّافِعِيِّ في «مختصر المزنيِّ»: أنَّ الصفرةَ والكدرةَ في أيَّام الحيض حيضٌ، واختلف أصحابه في ذلك على وجوهٍ مذكورةٍ في كتبهم.
          وأَمَّا (الكُدْرَةُ) ؛ فهي حيضٌ عند أبي حنيفة ومُحَمَّدٍ، سواء رأت في أَوَّل أيَّامها أو آخرها، وهي لونٌ كلون الصَّديد يعلوه اصفرارٌ.
          وأَمَّا (الخُضْرَةُ) ؛ فقد اختلف مشايخنا فيها؛ فقال الإمامُ أبو منصورٍ: إن رأتَها في أَوَّل الحيض؛ يكون حيضًا، وإن رأتها في آخر الحيض واتَّصل بها أيَّام الحيض؛ لا يكون حيضًا، وجمهور الأصحاب على كونها حيضًا كيف ما كان؟
          وأَمَّا (التُّرْبِيَّةُ) ؛ فهي التي تكون على لون التُّراب، وهي نوعٌ مِنَ الكُدرة، فحكمُها حكمُ الكُدرة، وهي بِضَمِّ التاء المُثَنَّاة مِن فوقُ، وسكون الراء، وكسر الباء المُوَحَّدة، وتشديد الياء آخرَ الحروف، ويقال: التُّرابيَّة، وفي «قاضيخان»: التَّريئَة على لون الرِّئة، وقيل فيها: «تَرْئيَة» على وزن «تَفْعِلة»، مِنَ الرُّؤية، وقيل: «تَريئَة» على وزن «فَعِيلة»، وقيل: «تَريَّة» بالتشديد والتخفيف بغيرِ همزةٍ.