عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب إذا احتلمت المرأة
  
              

          ░22▒ (ص) بابٌ: إِذا احْتَلَمَتِ المَرْأَةُ.
          (ش) أي: هذا بابٌ فيه ما يكون مِن الحكم إذا احتلمتِ المرأة.
          و(الاحتلام) مِن الحُلُم؛ وهو عبارة عمَّا يراه النائم في نومه من الأشياء، يقال: (حَلَم) بالفتح؛ إذا رأى، و(تحلَّم) إذا ادَّعى الرؤيا كاذبًا.
          وجهُ المناسبة بين البابين من حيث إنَّ المذكور في كلٍّ منهما بيانُ حكمِ الاغتسال مِن الجنابة.
          فَإِنْ قُلْتَ: حكمُ الرجل إذا احتلم مثلُ حكمِ المرأة، فما وجه تقييد هذا الباب بالمرأة وتخصيصه بها؟
          قُلْت: الجواب عنه بوجهين؛ أحدهما: أنَّ صورة السؤال كانت في المرأة، فقيَّد الباب بها؛ لموافقة صورة السؤال، والثاني: فيه الإشارة إلى الردِّ على مَن مَنَعَ منه في حقِّ المرأة دون الرجل، فنبَّه على أنَّ حكم المرأة كحكم الرَّجل في هذا الباب، ألا ترى كيف قال صلعم في جواب أمِّ سُلَيم: (المرأة ترى ذلك، أعليها الغسل؟) : «نعم؛ إِنَّما النِّساء شقائق الرجال»، رواه أبو داود، والمعنى: أنَّ النساء نظائرُ الرجال وأمثالهم في الأخلاق والطِّباع؛ كأنَّهنَّ شُقِقن منهم، وحوَّاء ♀خُلِقَتْ مِن آدمَ ◙ ، و(الشقائق) جمع (شقيقة)، ومنه: شقيق / الرجل؛ وهو أخوه لأبيه وأمِّه، ويجمع على أشقَّاء أيضًا؛ بتشديد القاف، ونُسِبَ منعُ هذا الحكم في المرأة إلى إبراهيمَ النَّخَعِيِّ على ما روى ابن أبي شَيْبَةَ في «مُصنَّفه» عنه ذلك بإسنادٍ جَيِّدٍ، فكأنَّ النَّوَوِيَّ لم يقف على هذا، واستبعد صحَّته عنه.