عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ميراث العبد النصراني والمكاتب النصراني
  
              

          ░27▒ (ص) بَابُ مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ وَالمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وَإِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في ميراث العبد النصرانيِّ... إلى آخره, كذا وقع عند الأكثرين بغير حديثٍ، وفي رواية أبي ذرٍّ عن المُسْتَمْلِي والكُشْميهَنيِّ: <بابُ مَنِ ادَّعى أخًا وابن أخٍ> ولم يذكر فيه حديثًا, وقال الكَرْمانيُّ: هنا ثلاث تراجم متواليةٌ: «باب ميراث العبد النصرانيِّ» «باب إثم مَن انتفى مِن ولده» «باب مَنِ ادَّعى أخًا» وقد ذكروا أنَّ البُخَاريَّ ترجم الأبواب، وأراد أن يلحق بها الأحاديث فلم يتَّفق له، وخلَّى بين الترجمتين بياضًا، والنقلة ضمُّوا البعض إلى البعض انتهى، وجعلوا في (باب إثم مَنِ انتفى مَن ولده) قصَّة سعدٍ وعبد بن زَمْعَة، [وجرى ابن بَطَّالٍ وابن التين على حذف (باب مَنِ انتفى مِن ولده) وجعلا قصَّة ابن زَمْعَة] لـ(باب مَن ادَّعى أخًا) ولم يذكرا في (باب ميراث العبد النصرانيِّ) حديثًا على ما وقع عند الأكثرين، ووقع عند النَّسَفِيِّ: <باب ميراث العبد النصرانيِّ والمكاتب النصرانيِّ> وقال: لم يكتب فيه حديثًا، وفي عقبه: <باب إثم مَنِ انتفى مِن ولده، ومَنِ ادَّعى أخًا أو ابنَ أخٍ> وذكر فيه قصَّة عبد بن زَمْعَة.
          وقال ابن بَطَّالٍ: مذهب العلماء أنَّ العبد النصرانيَّ إذا مات فمالُه لسيِّده بالرقِّ؛ لأنَّ ملك العبد غير صحيحٍ، وهو مال السيِّد يستحقُّه لا بطريق الإرث، وعن ابن سِيرِين: مالُه لبيت المال، وليس للسيِّد فيه شيءٌ, وأَمَّا المكاتب فإن مات قبل أداء كتابته وكان في ماله وفاءٌ لباقي كتابته؛ أخذ ذلك في كتابته، فما فضل فهو لبيت المال، وحكى ابن التين في ميراث النصرانيِّ إذا أعتقه المسلم ثمانية أقوالٍ؛ فقال عُمَر بن عبد العزيز واللَّيث والشَّافِعِيُّ: هو كالمولى المسلم إن كانت له ورثةٌ، وإلَّا فماله لسيِّده، وقيل: يرثه الولد خاصَّةً، وقيل: الولد والوالد خاصَّةً، وقيل: هما والإخوة، وقيل: هم والعصبة، وقيل: ميراثه لذوي رحِمِه، وقيل: لبيت المال، وقيل: يُوقَف، فمَنِ ادَّعاه مِنَ النصارى كان له.