عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم
  
              

          ░26▒ (ص) بَابُ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذْكَر فيه قوله صلعم : «لا يَرِث المُسْلِمَ الكافِرَ ولا يرث الكافِرُ المُسْلِمَ»، أَمَّا الكافر فَإِنَّهُ لا يرث المسلم بالإجماع بالحديث وبقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء:141] وفي الميراث إثبات السبيل للكافر على المسلم، والمراد منه: نفي السبيل مِن حيث الحكم، لا مِن حيث الحقيقة؛ لتحقُّق حقيقة السبيل، وأَمَّا المسلم فهل يرث مِنَ الكافر أم لا؟ فقالت عامَّة الصحابة ♥ : لا يرث، وبه أخذ علماؤنا والشَّافِعِيُّ، وهذا استحسانٌ، والقياس أن يرث، وهو قول معاذ بن جبلٍ ومعاوية بن أبي سفيان، وبه أخذ مسروقٌ، والحسن، ومُحَمَّد ابن الحَنَفيَّة، ومُحَمَّد بن عليِّ بن حسينٍ، وأَمَّا إرث المسلم مِنَ المرتدِّ؛ فباعتبار الاستناد إلى حال الإسلام، ولهذا قال أبو حنيفة ☺ : إنَّهُ يورث عنه كسب إسلامه دون كسب ردَّته، ولا يرث هو مِنَ المسلم عقوبةً له على ردَّته.
          (ص) وَإِذَا أسْلَمَ قَبْلَ أنْ يُقْسَمَ المِيرَاثُ فَلَا مِيرَاثَ لهُ.
          (ش) أي: إذا أسلم الكافر قبل أن يُقْسَم ميراثُ أبيه أو أخيه مثلًا، فلا ميراث له؛ لأنَّ الاعتبار بوقت الموت، لا بوقت القسمة، وهو قول جمهور الفقهاء، وقالت طائفةٌ: إذا أسلم قبل القسمة فله نصيبه، رُوِيَ عن عمر وعثمان ☻ مِن طريق لا يصحُّ، وبه قال الحسن [وعِكرمة وحكاه ابن هُبَيْرة عن أحمد، وحكاه ابن التين عن جابرٍ، ورُوِيَ عن الحسن] أيضًا: الإرث فيما لم يُقسَم خاصَّةً.