عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ميراث الولد من أبيه وأمه
  
              

          ░5▒ (ص) بَابُ مِيرَاثِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان ميراث الولد مِن أبيه وأمِّه، و(الوَلَد) يشمل الذكر والأنثى وولد الولد وإن سفل.
          (ص) وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ☺ : إِذَا تَرَكَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِنْتًا فَلَهَا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ بُدِئَ بِمَنْ شَرِكَهُمْ، فَيُؤْتَى فَرِيضَتَهُ، فَمَا بَقِيَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ.
          (ش) (زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ) ابن الضَّحَّاك الأنصاريُّ النجَّاريُّ المَدَنِيُّ، كاتبُ وَحْيِ النَّبِيِّ صلعم ، وكان مِن فضلاء الصحابة، ومِن أصحاب الفتوى، مات بالمدينة سنة خمسٍ وأربعين.
          وقال أبو عمر: أصلُ ما بنى عليه مالكٌ والشَّافِعِيُّ وأهلُ الحجاز ومَن وافقهم في الفرائض قولُ زيد بن ثابت، وأصلُ ما بنى عليه أهلُ العراق ومَن وافقهم فيها قولُ عليِّ بن أبي طالبٍ ☺ ، وكلٌّ مِنَ الفريقين لا يخالف صاحبَه إلَّا في اليسير النادر إذا ظهر، ووصَلَ أثره سعيد بن منصورٍ عن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابتٍ، عن أبيه، فذكر مثله.
          قوله: (فَلَهَا النِّصْفُ) أي: فللبنت الواحدة النصف، هذا قول الجماعة إلَّا مَن يقول بالردِّ، وكذا في الابنتين فأكثر إلَّا مَن يقول بالردِّ، وإلَّا ابن عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ كان يجعل للبنتين النصف.
          قوله: (وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ) أي: مع البنات (ذَكَرٌ؛ بُدِئَ) على صيغة المجهول (بِمَنْ شَرِكَهُمْ) أي: بمن شَرك البنات والذكَّر، فغلَّب التذكيرَ على التأنيث؛ يعني: إن كان مع البنات أخٌ لهنَّ، وكان معهم غيرهم؛ فمَن له فرضٌ مُسمًّى / كالأمِّ مثلًا؛ كما لو مات عن بناتٍ وابنٍ وأمِّ؛ يُبْدَأ بالأمِّ فيُعطَى فرضها، وما بقي فهو بين البنات والابن، للذكر مثل حظِّ الأُنثَيَين، وقال ابن بَطَّالٍ: قوله: «وإن كان معهنَّ ذكرٌ» يريد: إن كان مع البنات أخٌ مِن أبيهنَّ، وكان معهم غيرهم ممَّن له فرضٌ مُسمًّى كالأب مثلًا _قال: فلذلك قال: «شركهم»، ولم يقل: شركهنَّ_ فيُعطَى الأبُ مثلًا فرضَه، ويُقسَم ما بقي بين الابنِ والبنات للذكر مثل حظِّ الأنثيين، قال: وهذا تأويلُ حديث الباب؛ وهو قوله: «ألحِقوا الفرائض بأهلها».