عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ميراث الملاعنة
  
              

          ░17▒ (ص) باب مِيرَاثِ الْمُلَاعَنَةِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ حكمِ ميراث الملاعِنة _بكسر / العين_ وهي التي وقع اللِّعان بينها وبين زوجِها, وقال بعضهم: بفتح العين، ويجوز كسرها.
          قُلْت: الأمر بالعكس، والمقصود مِن (ميراث الملاعِنة) بيانُ مَن يرثُ ولد الملاعِنة، وما ترث الملاعِنة مِن ابنها، فقال مالكٌ: بلغني أنَّهُ قال عروة في ولد الملاعنة وولد الزنى: إذا مات ورثت أمُّه حقَّها في كتاب الله، وإخوته للأمِّ حقوقهم, ويورث البقيَّة مولى أبيه إن كانت مولاةً، وإن كانت عربيَّةً ورثت حقَّها، وورثت إخوتُه لأمِّه حقوقَهم، وكان ما بقيَ للمسلمين, قال مالك: وبلغني عن سليمان بن يسار كذلك، قال: وعلى ذلك أدركتُ أهل العلم ببلدنا, وقال أبو عمر: هذا مذهب زيد بن ثابت، ورُوِيَ عن ابن عَبَّاسٍ مثلُ ذلك، ورُوِيَ عن عليٍّ وابن مسعودٍ: أنَّ ما بقيَ يكون لعصبة أمِّه إذا لم يُخلِّف ذا رحِمٍ له سهم، فإن خلَّفه جُعِلَ فاضلُ المال ردًّا عليه، وحُكِيَ عن عليٍّ أيضًا أنَّهُ ورَّث ذوي الأرحام برَحِمِهم، ولا شيءَ لبيت المال، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، ومَن قال بالرَّدِّ يردُّ الباقي على أمِّه، وبقول زيدٍ قال جمهور أهل المدينة؛ ابن المُسَيَِّبِ وعروة وسليمان وعمر بن عبد العزيز والزُّهْريُّ وربيعة وأبو الزِّناد ومالكٌ، وبه قال الشَّافِعِيُّ والأوزاعيُّ.