عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الرقى بفاتحة الكتاب
  
              

          ░33▒ (ص) بابُ الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان الرقية بقراءة فاتحة الكتاب؛ أراد به جوازَ ذلك.
          فَإِنْ قُلْتَ: روى شعبة عن الرُّكَين قال: سمعتُ القاسمَ بن حسَّان يحدِّث عن عبد الرَّحْمَن بن حَرمَلة عن ابن مسعودٍ ☺ : أنَّهُ صلعم كان يكره الرقي إلَّا بالمعوِّذات.
          قُلْت: قال الطَّبَريُّ: هذا حديثٌ لا يجوز الاحتجاجُ بمثله؛ إذ فيه مَن لا يُعرَف، ثُمَّ إنَّهُ لو صحَّ لكان إمَّا غلطًا أو منسوخًا بقوله صلعم : «ما أدراك أنَّها رقيةٌ؟!».
          (ص) وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ عَنِ النَّبِيِّ صلعم .
          (ش) (يُذْكَرُ) على صيغة المجهول، وهو صيغة التمريض، ولا يَذكُر صيغة التمريض إلَّا إذا كان الحديث على غير شرطه، مع أنَّهُ ذكر حديث ابن عَبَّاسٍ في (الرقية بفاتحة الكتاب) وهو الذي أخرجه في الباب الذي يأتي عقيبَ هذا الباب، وهو (باب الشَّرط في الرقية) أخرجه عن سِيدانِ بن مُضاربٍ على ما يأتي عن قريبٍ، وهذا يعكر عليه، وقال صاحب «التلويح»: هذا يردُّ قولَ ابن الصلاح وغيره: [إنَّ البُخَاريَّ إذا علَّق بصيغة التمريض يكون غيرَ صحيحٍ عنده.
          قُلْت: ابنُ الصلاح وغيرُه]
مِن أهل الحديث على أنَّ الذي يُورِده البُخَاريُّ بصيغة التمريض لا يكون على شرطه، وحديثُ ابن عَبَّاسٍ على شرطه كما ذكرنا، والإيرادُ عليه باقٍ، غيرَ أنَّ أحد مشايخنا ساعد البُخَاريَّ، وذكر أنَّهُ قد يصنع ذلك إذا ذكر الخبر بالمعنى، ولا شكَّ أنَّ الذي ذكره عن ابن عَبَّاسٍ ليس فيه التصريحُ عن النَّبِيِّ صلعم بالرقية بفاتحة الكتاب، وفيه نظرٌ لا يخفى.