الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد

          ░20▒ (بَابٌ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ فِي الْعِيدِ) ضمير: ((لها)) للمرأةِ، والجِلْباب _بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف_ ثوبٌ أقصر وأعرضُ من الخمار، وقيل: الملحفة، وقيل: الخمار، وقيل: المقنَّعة تغطِّي بها رأسها، وقيل: الإزار.
          قال الزين ابن المنيِّر: لم يذكرْ جواب الشَّرط في التَّرجمة حوالةً على ما في الخبر؛ أي: تلبسها صاحبتُها من جلبابها.
          وقال في ((الفتح)): والَّذي يظهرُ لي: أنَّه حذفه لما فيه من الاحتمال، إذ يحتملُ أن يكون للجنس؛ أي: تعيرها من جنسِ ثيابها، ويؤيِّدهُ روايةُ ابن خزيمة: ((من جلابيبها))، وللتِّرمذيِّ: ((فلتُعِرها أختُها من جلابيبها))، ويحتملُ أنَّ المراد: تشركها معها في ثوبها، ويؤيِّدهُ رواية أبي داود: ((تلبسُها صاحبَتُها طائفَةً من ثوبها)) يعني: إذا كان واسعاً، ويحتمل أنَّه ذكر على سبيل المبالغة؛ أي: يخرجنَ على كلِّ حالٍ، ولو أنهنَّ في جلبابٍ واحدٍ، انتهى.
          واعترضهُ العينيُّ في الاحتمالِ الثاني فقال: الذي قالهُ هذا القائل لم يقلْ به أحدٌ ممن له ذوقٌ من معاني التَّركيبِ، وإنَّه ظنَّ أنَّ معنى قوله في رواية أبي داود: ((طائفَةً من ثوبها)) بعضاً من ثوبها بأن تدخِلَها في ثوبها حتى تصيرَ كلتاهما في ثوبٍ واحدٍ، وهذا لم يقلْ به أحدٌ، ويعسرُ ذلك عليهما في الحركة، وإنَّما معنى: ((طائفةً من ثوبها)) يعني: قطعةٌ من ثيابها التي لا تحتاجُ إليها، مثل: الجلباب ونحو ذلك، ولذا فسَّروا قوله صلعم في حديثِ الباب: ((لتُلبِسها صاحِبَتها من جلبَابِهَا)) بمَعنَى: لتُعِرْها جلبَاباً لا تحتَاجُ إليه، انتهى.
          وأقول: صاحبُ ((الفتح)) قد أبداهُ احتمالاً، وهو ظاهرُ اللَّفظِ، فلا ينبغِي التَّشنيعُ عليه بما ذكر، فتدبَّر.