الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم

          ░9▒ (بَابُ مَا يُكْرَهُ) بالبناء للمفعول، وقوله: (مِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ فِي الْعِيدِ وَالْحَرَمِ) بيانٌ لـ((ما يكره))، وهو محمولٌ على حمله بطراً وأشراً، أو من غير تحفُّظٍ لا سيَّما عند المزاحمة.
          قال في ((الفتح)): هذه الترجمةُ تخالف في الظاهرِ التَّرجمةَ المتقدِّمةَ، وهي باب الحراب والدَّرقِ يوم العيد؛ لأنَّ تلك دائرةٌ بين الإباحة والندب كما تقدَّمَ، وهذه دائرةٌ بين الكراهة والتحريمِ لقول ابن عمر: ((في يومٍ لا يحلُّ فيه حمل السِّلاح))، ويجمعُ بينهما: بحمل الحالةِ الأُولى على وقوعها ممن حملها بالدُّرْبةِ، وعُهِدتْ منه السلامةُ، وحمل الثانيةَ على وقوعها ممَّن حملها بطراً وأشراً، أو لم يتحفظ حال حملها، انتهى / ملخَّصاً.
          (وَقَالَ الْحَسَنُ) أي: البصريُّ (نُهُوا) بضم النون والهاء، ماضٍ مبني للمفعول، والأصل نهيوا فَأُعِلَّ بالنَّقل والحذف (أَنْ يَحْمِلُوا السِّلَاحَ يَوْمَ عِيدٍ) خوفاً من وصول أذًى لأحدٍ، وللأصيليِّ وأبي الوقت وأبي ذرٍّ في نسخة: <يوم العيد> بالتعريف (إِلَّا أَنْ يَخَافُوا عَدُوًّا) أي: فيباحُ حمله للضرورةِ.
          قال في ((الفتح)): لم أقفْ عليه موصولاً، إلَّا أن ابن المنذر قد ذكر نحوهُ عن الحسن، وفيه تقييدٌ لإطلاقِ قول ابن عمر أنَّه لا يحلُّ، وقد ورد مثله مرفوعاً مقيَّداً وغير مقيدٍ، فروى عبد الرَّزاق بإسنادٍ مرسلٍ قال: ((نهى رسولُ الله صلعم أن يخرج بالسِّلاحِ يوم العيد))، وروى ابن ماجه بإسنادٍ ضعيفٍ عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ صلعم نهى أن يلبس السِّلاحُ في بلاد الإسلام في العيدين، إلا أن يكونوا بحضرة العدوِّ، وهذا دليلٌ في العيد، وأمَّا في الحرم، فروى مسلمٌ عن جابرٍ قال: ((نهى رسول الله صلعم أن يُحمَل السِّلاحُ بمكةَ)).