الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الدعاء في العيد سنة العيدين لأهل الإسلام

          ░3▒ (بَابٌ: الدُّعَاءُ فِي العِيْدِ سُنَّة العِيْدَيْنِ لِأَهْلِ الإِسْلَامِ) وهذه الترجمةُ رواية أبي ذرٍّ عن الحموي، ورواهُ الأكثرُ بلفظ: <باب سنة العيدين لأهل الإسلام> وعليها اقتصرَ الإسماعيليُّ في ((مستخرجه))، وكذا أبو نعيم.
          قال ابن رشيدٍ عن الترجمةِ الأولى: أراها تصحيفاً، وكأنَّه كان فيه اللعبُ في العيد، يعنِي: فيناسبُ الحديث الثَّاني من حديثي الباب، ويحتملُ أن يوجَّه بأن الدَّعاء بعد صلاة العيد يؤخذُ حكمه من جواز اللَّعبِ بعدها بالأولى.
          وقال شيخُ الإسلام: وفي نسخةٍ: ((باب في العيد))، انتهى.
          وفي نسخة: <باب الدعاء في العيدين>.
          قال في ((الفتح)) ما حاصلهُ: وروى ابن عَدِي من حديث واثلة: أنه لقيَ رسول الله صلعم يوم عيدٍ فقال: تقبَّل اللهُ منَّا ومنك فقال: ((نعم، تقبَّل الله منَّا ومنك)) لكن في إسناده محمد بن إبراهيم الشَّامي، ضعيفٌ، وتفرَّد به مرفوعاً، وخُولِف فيه، فروى البيهقيُّ من حديث عبادة بن الصَّامت أنَّه سأل رسول الله صلعم عن ذلك فقال: ((ذاكَ فعلُ أهلِ الكتابَينِ)) وإسناده ضعيفٌ أيضاً، ورَوَينا في ((المحامليات)) بإسنادٍ حسنٍ عن جبير بن نُفيرٍ أنَّه قال: كان أصحاب رسول الله صلعم إذا التقوا يوم العيدِ يقولُ بعضهم لبعضٍ: تقبَّل الله منَّا ومنك.
          وأمَّا مناسبة حديث عائشةَ لترجمة الأكثرِ فقيل: من قولِهِ: ((وهَذا عيدُنَا)) لإشعارِهِ بالندبِ إلى ذلك، قيل: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ اللعب لا يوصف بالندبيَّةِ؛ لكن يقربه أنَّ المباح يصيرُ بالنِّية ممَّا يثابُ عليه، ويحتملُ أن تقديم العبادة على اللعب سنَّةُ أهل الإسلام، أو تحمل السُّنة في الترجمةِ على اللُّغويةِ.
          وأما حديثُ البراء فهو طرفٌ من حديث يأتي بتمامِهِ بعد بابٍ، ومناسبتهُ في قوله: ((إن أوَّل ما نبدأُ به في يومِنَا هذا أن نُصلِّي)) فإنَّ فيه إشعاراً بأنَّ الصلاة فيه هي المهمُّ، وأنَّ ما سواها من الخطبة والنحرِ، وغير ذلك بطريق التَّبعِ، وهذا مشتركٌ بين العيدين، فلذا لم يفردِ الترجمةَ بعيد النَّحر. وقيَّد بقوله: ((لأهلِ الإِسلامِ)) إشارةً إلى أنَّ سنَّتهم في العيد، خلاف ما يفعلُهُ غيرهم في أعيادهم.