نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث ابن عباس: {وجعلناكم شعوبًا وقبائل}

          3489- (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ) من الزيادة، هو أبو الهيثم المقرئ (الْكَاهِلِيُّ) الكوفي، وهو من أفراده، وقد مرَّ في بدء الخلق [خ¦3288]، والكاهلي نسبة إلى كاهِل، بكسر الهاء، ابن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، بطنٌ بن هذيل، والظَّاهر أنَّه منسوبٌ إلى كاهل بن أسد بن خزيمة بن مدركة؛ لأنَّ جماعةً كثيرةً من أهل الكوفة يَنْتَسِبُون إليه، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ) هو: ابنُ عيَّاش، بالتحتانية وبالمعجمة، ابن سالم الأسدي الكوفي، من رواة عاصم من القراء السبعة، وقد مرَّ في آخر الجنائز [خ¦1390].
          (عَنْ أَبِي حَصِينٍ) بفتح الحاء المهملة وكسر الصاد المهملة، واسمه: عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي، وقد مرَّ في الجهاد [خ¦2886] (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ ☻ {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ} [الحجرات:13] قَالَ الشُّعُوبُ: الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ، وَالْقَبَائِلُ: الْبُطُونُ) يعني: أنه قد فسَّر ابن عبَّاس ☻ الشُّعوب بالقبائل العظام، وفسَّر القبائل بالبُطون؛ وذلك لأنَّ الشُّعوب تَجْمَعُ القبائلَ، وذُكِرَ عن ابن عبَّاس ☻ أيضاً أنَّ القبائلَ الأفخاذُ، فعلى هذا، إنَّ القبائل التي فسَّرها بالبُطون تجمع الأفخاذ.
          وقد روى الطَّبري عن خلاد بن أسلم وأبي كُريب كلاهما، عن أبي بن عيَّاش بهذا الإسناد، لكن قال في المتن: الشُّعوب: الجِمَاع الذي يَجْمَعُ متفرِّقات البُطون، قال خلاَّد: قال أبو بكر: القبائل مثل بني تميم، ودونها الأفخاذ. انتهى.
          وقد قسمها الزُّبير بن بكَّار في كتاب «النَّسب»: إلى شَعْبٍ ثمَّ قَبيلةٍ ثمَّ عِمارة، بكسر العين، ثمَّ بَطن، ثمَّ فخذ، ثمَّ فصيلة، وزاد غيره قبل الشَّعب: الجذم، وبعد الفصيلةِ: العشيرة، ومنهم من زاد بعد العشيرة: الأسرة، ثمَّ العِتْرة، فمثالُ الجذم: عدنان، ومثال الشَّعب: مضر، ومثال القبيلة: كِنانة، ومثال العِمَارة: قريش، وأمثله ما دون ذلك لا تَخفى.
          ووقع في عبارتهم أشياء مُرادفة لما تقدَّم كقولهم: حي، وبيت، وعقيلة، وأدومة، وجُرثومة، ورهطٌ، وغير ذلك، وقد يقال: المراد بالشُّعوب في الآية: بطون العجم، وبالقبائل: بطونُ العرب، والله أعلم.